هذه كيفية الاستقبال بالميت الواجب حال الصلاة عليه ، فيراد حينئذ من اليمين جهته التي لا فرق فيها بين الامام والمأموم ، وهي المستفادة من الخبر ومعقد الإجماع المزبور دون نفس اليمين ، بل ستعرف ما يدل من النصوص والفتاوى على الوقوف عند الرأس بحيث يكون أمامه لا يمينه ، ومضمر الحلبي (١) في الصحيح « سألته عن الرجل والمرأة يصلى عليهما قال : يكون الرجل بين يدي المرأة مما يلي القبلة ، فيكون رأس المرأة عند وركي الرجل مما يلي يساره ، ويكون رأسها أيضا مما يلي يسار الامام ، ورأس الرجل مما يلي يمين الامام » مع أنه في خصوص الرجل وفي خصوص اجتماعه مع المرأة معارض بغيره فلا بد من حمله على ضرب من الندب ، كما تعرفه إن شاء الله فيما يأتي ، فالمتجه الاقتصار على الاعتبار المستفاد من الخبر ومعقد الإجماع السابقين من جهة اليمين لا نفسه ، وإن وجب مع ذلك المحاذاة للميت على الامام والمنفرد دون المأموم كما ستعرف إن شاء الله ، كاستفادة ما صرح به جماعة من الأصحاب من وجوب كونه مع ذلك مستلقيا على قفاه من معقد إجماع المهذب وغيره ، بل لا خلاف أجده فيه.
نعم بقي بحث آخر لا مدخلية له في شيء من ذلك ، وهو أنه ذكر غير واحد من الأصحاب مع ذلك وجوب وقوف المصلي وراء الجنازة ، بل في الذكرى وغيرها أن هذا ثابت عندنا ، وفي كشف اللثام « دليله التأسي واستمرار العمل عليه من زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الآن والأئمة ، بل لا نجد فيه خلافا إلا من بعض العامة ، فجوز التقدم عليها فضلا عن كونها على أحد جانبيه قياسا على الغائب » وهو كما في الذكرى خطأ في خطإ ، لعدم جواز الصلاة على الغائب عندنا ، بل في المحكي عن التذكرة ونهاية الأحكام أنه يشترط حضور الميت عند علمائنا أجمع ، بل قيل : إن الإجماع ظاهر المنتهى وفوائد الشرائع أيضا ، لعدم صدق اسم الصلاة عليه بدونه ، أو يشك فيه فيشك في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ٧ من كتاب الطهارة.