ومن هنا يعلم حكم تضيقهما معا وما لو جامعت صلاة واجبة ، قلت : الأقوى تقديم الفريضة مع فرض تعارضهما ، لأهميتها ، ولإطلاق الخبرين ، ومشروعية القضاء لها معارض بمشروعية الصلاة على القبر ، بل الظاهر تقديم الدفن على الصلاة على الميت إذا فرض الخوف عليه من انتهاك حرمته إلى حصول الصلاة عليه ، فيدفن حينئذ ، ويصلى على القبر.
أما لو تعارضت المكتوبة والدفن ففي جامع المقاصد لا بأس بتقديمه على الصلاة ، لتساوي الحرمتين ، ولتدارك الصلاة بالقضاء بخلافه ، ولاستثناء المبطون والنفساء في خبر الغنوي (١) الذي هو كالصريح في ذلك ، ولا ينافيه خبر علي بن جعفر (٢) المتقدم آنفا ، وهو جيد ، بل ربما يؤيده في الجملة تشاغل أمير المؤمنين عليهالسلام بدفن سلمان وعمران عن الصلاة ، لكن لو أمكن الجمع بين الدفن والإيماء للمكتوبة لم يكن بعيدا من الصواب.
ولو لم يسع الوقت إلا ركعة ولم يخف على الجنازة من الهتك إلا أنه يخشى من فوت الصلاة عليها لعارض من العوارض أمكن القول بجواز فعلها في أثناء الفريضة بعد فعل الركعة ، لأنها أذكار ودعاء ليس فيها ما ينافي الصلاة ، بل لا يبعد جوازه اختيارا على وجه لا يؤدي إلى فساد الصلاة بفوات الموالاة ونحوها ، إلا أني لم أجد به نصا لأحد من الأصحاب ، بل يمكن دعوى ظهور النصوص والفتاوى في عدم اجتماعهما ، فتأمل جيدا ، والله أعلم.
المسألة الخامسة إذا صلى على جنازة بعض الصلاة ثم حضرت أخرى كان مخيرا إن شاء قطع الأولى واستأنف الصلاة عليهما ، وإن شاء أتم الأولى على الأول
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب صلاة الجنازة ـ الحديث ٣.