المغمى عليه إذا سبقت منه النية كما اختاره الشيخان ، وان اعتبر مع ذلك وقوعه بجميع أجزائه على وجه الوجوب أو الندب بحيث يكون كل جزء من أجزائه موصوفا بذلك اتجه القول بفساد ذلك الجزء الواقع في حال الإغماء ، لأنه لا يوصف بوجوب ولا ندب ، ويلزم من فساده فساد الكل ، لأن الصوم لا يتبعض ، إلا أن ذلك منفي بالأصل ، ومنقوض بالنائم ، فإنه غير مكلف قطعا ، مع ان صومه لا يفسد بذلك إجماعا ، وفيه ما لا يخفى من وضوح الفرق بين النوم والغفلة وبين الجنون والإغماء ولو من حيث الأدلة الشرعية ، ومن ان المراد من الدليل الثاني اقتضاء الصحة في الجنون ونحوه الذي لا ينبغي لفقيه التزامه ، ضرورة معلومية عدم الاكتفاء في الصوم بالنية واتفاق الإمساك ولو مع عدم أهلية القصد ، وإلا لزم صحته من الميت ونحوه ، إذ لا فرق بينه وبين الجنون في رفع التكليف ، بل لعل المتجه بناء على ما ذكره الصحة ولو مع عدم الإمساك ، ضرورة عدم الإفطار بما يقع منه حينئذ كالغافل والناسي والنائم ، ومن ذلك ظهر لك ما في كلامه الأخير الذي ظاهره فيه الميل إلى الشق الأول من الشقين ، مضافا إلى القطع بعدم كفاية ذلك بعد ظهور النصوص في اعتبار مصاحبة النية لتمام العمل ، وهذا من جملة المؤيدات لكونها هي الداعي الذي يمكن دعوى مصاحبته لتمام العمل ، بخلاف الاخطار ، والصحة مع زواله في الأثناء في النائم والغافل للدليل غير قادحة في ذلك مع انه يمكن دعوى عدم زواله في الغافل ، وانه انما زال الالتفات اليه ، بل ربما ادعي ذلك في النائم أيضا ، لكنه بعيد ، فتأمل ، ومن ان المراد من الدليل الثالث أن سقوط القضاء دليل على سقوط الأداء ، وإلا لصدق عليه اسم الفوات الذي علق عليه القضاء ، فليس حينئذ هو إلا كالصبي ونحوه مما لم يصدق عليه اسم الفوات ، فتأمل جيدا.
وبذلك كله ظهر لك أن الأول أشبه بأصول المذهب وقواعده