من تخيير الإمام بين القتل والاسترقاق ، قيل فعلى قولهم الآية منسوخة أو مخصصة بواقعة بدر ، وظاهر الآية قريب من مذهب الشافعية ، وفيه أن الآية ظاهرة في منع القتل بعد الإثخان والأسر ، لقوله تعالى : ( فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً ) بل ظاهرها عدم الاسترقاق ولكن ثبت بالسنة وربما قيل إن الأسر كان محرما بقوله ( ما كانَ لِنَبِيٍّ ) ثم نسخ بهذه الآية ، ولعل تنزيل تلك على الأسر قبل الإثخان أولى من ذلك ، كما أن الظاهر توجيه اللوم فيها على من أشار على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالفداء في السبعين أسيرا يوم بدر الذين كان أسرهم قبل الإثخان ، ثم تاب الله عليهم ، ويمكن أن يراد بعدم الإثخان فيها أنه قبل أن يقوى الإسلام لقلة المسلمين يومئذ لا عدم الإثخان في المحاربة المخصوصة التي هي محل البحث ، ولكن على كل حال فيها إشعار بعدم جواز الأسر قبل الإثخان ، والله العالم.
وكيف كان فالحكم المزبور مقيد بما لم يسلموا بلا خلاف أجده فيه ، بل عن التذكرة والمنتهى ، الإجماع عليه ، بل ولا إشكال ، ضرورة حقن الدم بالإسلام الذي أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقتال عليه حتى يحصل ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : « أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم » وفي خبر الزهري (٢) عن علي بن الحسين عليهماالسلام « الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئا » كما لا خلاف أجده في أن له المن عليه حينئذ ، بل ولا إشكال ، ضرورة أولويته بذلك من الأسر بعد تقضي الحرب ولما يسلم ، إنما الكلام في ضم الاسترقاق
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٩ ص ١٨٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ٢٣ من أبواب جهاد العدو الحديث ٢.