يأخذ من كل إنسان منهم ما شاء على قدر ما يطيق ، إنما هم قوم فدوا أنفسهم من أن يستعبدوا أو يقتلوا ، فالجزية تؤخذ منهم على قدر ما يطيقون له أن يأخذهم به حتى يسلموا ، فإن الله عز وجل (١) قال : ( حَتّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ) وكيف يكون صاغرا ولا يكترث بما يؤخذ منه حتى يجد ذلا لما أخذ منه ، فيألم لذلك فيسلم » بل منه يستفاد أن ما وقع (٢) من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الدينار وألفي حلة في صلح نصارى نجران ومن أمير المؤمنين عليهالسلام قد كان لما يراه من المصلحة ، بل منه يستفاد أنها عوض ، فلا يتقدر بقدر كالأجرة ، بل منه يستفاد أيضا أن ذلك هو المناسب للصغار المصرح به في القرآن الكريم كما أومأ إليه ابن إدريس في المحكي عنه تبعا للشيخ في محكي الخلاف ، قال : اختلف المفسرون في الصغار ، والأظهر أنه التزام أحكامنا عليهم ، وأن لا تقدر الجزية فيوطن نفسه عليها ، بل تكون بحسب ما يراه الإمام عليهالسلام بما يكون معه ذليلا صاغرا خائفا ، فلا يزال كذلك غير موطن نفسه على شيء ، فحينئذ يتحقق الصغار الذي هو الذل ، ولعله لذا قال المفيد في المحكي عنه : الصغار أن يأخذهم بما لا يطيقون حتى يسلموا ، وإلا فكيف يكون صاغرا وهو لا يكترث بما يؤخذ منه فيسلم ، بل ذكر غير واحد أن المشهور في تعريفه التزام الجزية بما يراه الإمام عليهالسلام من غير أن تكون مقدرة ، والتزام أحكامنا عليهم ، لكن عن الإسكافي الصغار هو أن يشترط عليهم وقت العقد جريان أحكام المسلمين عليهم في الخصومات بينهم إذا تحاكموا إلينا ، وفي الخصومات بينهم وبين المسلمين ، وأن تؤخذ منهم وهم قيام
__________________
(١) سورة التوبة ـ الآية ٢٩.
(٢) سنن البيهقي ج ٩ ص ١٩٤ و ١٩٥.