دل منه على وجوبهما باللسان واليد الشاملة للجرح والقتل واضحة الفساد كدعوى اقتضاء وجوبهما على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام عليهالسلام على هذا الوجه الوجوب على الناس أيضا كذلك للتأسي ولأصالة الاشتراط ، وأوضح منهما فسادا الاستدلال على ذلك بأنهما إنما وجبا لمصلحة العالم فلا يقفان على شرط كغيرهما من المصالح بعد ما عرفت من اقتضاء وجوبهما على هذا الوجه فساد نظام العالم ، وكذا ما قيل من أن إذن الإمام عليهالسلام شرط فيما إذا كان الضرر مقصودا ، وأما إذا كان المقصود أمرا آخر غيره فلا وإن حصل منه الضرر ، ومحل البحث فيه الأخير ، إذ هو شبه المدافعة والممانعة اللذين قد يتولد منهما ضرر غير مقصود.
نعم في المروي (١) عن تاريخ الطبري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : « إني سمعت عليا عليهالسلام يوم لقينا أهل الشام يقول : أيها المؤمنون إنه من رأى عدوانا يعمل به ومنكرا يدعى إليه فأنكره بقلبه فقد سلم ، ومن أنكره بلسانه فقد أوجر ، وهو أفضل من صاحبه ومن أنكره بالسيف لتكون كلمة الله العليا وكلمة الظالمين السفلى فذلك أصاب سبيل الهدى وقام على الطريق ونور في قلبه اليقين » كقول الباقر عليهالسلام (٢) : « فأنكروا بقلوبكم ، والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ، ولا تخافوا في الله لومة لائم ، فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم ، ( إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ ، وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) ، هنالك فجاهدوهم بأبدانكم
__________________
(١) و (٢) الوسائل ـ الباب ٣ من أبواب الأمر والنهي الحديث ٨ ـ ١