النعتية أعني به مفاد ليس الناقصة ، وإنّما يستدعي أخذ عدم القرشيّة في ذلك الموضوع على نحو السالبة المحصّلة ، فكلّ امرأة لا تكون متّصفة بالقرشيّة باقية تحت العام ، وإنّما الخارج خصوص المتّصفة بالقرشيّة لا أنّ الباقي بعد التخصيص هي المرأة المتّصفة بعدم القرشيّة ، فإذا شكّ في كون امرأة قرشيّة لم يكن مانع من التمسّك باستصحاب عدم القرشيّة الثابت لها قبل تولّد تلك المرأة في الخارج (١).
ولكن يرد عليه أيضاً أنّ التمسّك باستصحاب العدم النعتي في القسم الأوّل من كلامه لا محذور فيه من ناحية الإثبات ، لأنّ اللازم العقلي الثابت هنا يكون من اللوازم العقليّة للشرائط التي لا إشكال في شمول أدلّة الاستصحاب لها بل مورد أخبار الاستصحاب من هذا القبيل ، لأنّ اللازم في باب الطهارة تقيّد الصّلاة بها ، وليس هو المستصحب بل المستصحب هو نفس الوضوء وتقيّد الصّلاة بها من اللوازم العقليّة له ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّ تحيّض المرأة إلى خمسين مقيّد بعدم كونها من قريش ، وتقيّدها بعدم القرشيّة يكون لازماً عقليّاً لعدم القرشيّة فإذا أثبتنا باستصحاب العدم الأزلي عدم القرشيّة يثبت تقيّد الموضوع ـ وهو المرأة ـ به قهراً بلا إشكال.
ثمّ إنّ الشيخ الحائري رحمهالله في حاشية الدرر حاول إثبات استصحاب العدم الأزلي ببيان آخر وهو : أنّه قد يستظهر من مناسبة الحكم والموضوع في بعض المقامات أنّ التأثير والفاعليّة ثابت للموضوع المفروغ عن وجوده عند اتّصافه بوصف كما في قضيّة « إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء » ولهذا لا يجري استصحاب عدم الكرّيّة من الأزل ، وقد يستظهر من المناسبة المذكورة أنّ التأثير ثابت لنفس الوصف ، والموضوع المفروض وجوده إنّما اعتبر لتقوّم الوصف به كما في قوله عليهالسلام : « المرأة ترى الدم إلى خمسين إلاّ أن يكون قرشيّة » حيث كون الدم حيضاً إلى ستّين إنّما هي من ناحية التولّد من قريش لا أنّ المرأة لها هذه الخاصّية بشرط التولّد ، فانتفاء هذا الوصف موجب لنقيض الحكم ولو كان بعدم الموضوع ولهذا يكون استصحاب العدم الأزلي نافعاً ( انتهى ) (٢).
أقول : نحن لا نرى فرقاً بين المثالين ، لأنّ في مثال القرشيّة أيضاً يكون وجود المرأة جزءاً
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٤٦٨ ـ ٤٦٩.
(٢) درر الفوائد : ج ١ ، ص ١٨٧ ـ ١٨٨ ، من الطبع القديم.