وجوابه واضح ، وهو أنّ دليل حجّية خبر الواحد ليس منحصراً بالإجماع بل لها أدلّة اخرى منها : السيرة المستمرّة لأصحاب الأئمّة عليهمالسلام على العمل بخبر الواحد المخالف للعام الكتابي ومنها : بناء العقلاء على العمل بها مطلقاً سواء كان في مقابله دليل قطعي الصدور أم لا.
الوجه الثالث : أنّه لو جاز التخصيص به لجاز النسخ أيضاً ، والتالي باطل اتّفاقاً فالمقدّم مثله ، بيان الملازمة ، أنّ النسخ نوع من التخصيص فإنّه تخصيص في الأزمان والتخصيص المطلق أعمّ منه ، فلو جاز التخصيص بخبر الواحد لكانت العلّة أولويّة تخصيص العام على إلغاء الخاصّ وهو قائم في النسخ.
واجيب عنه بوجهين :
الأوّل : أنّ الفارق بين النسخ والتخصيص هو الإجماع لاختصاص الإجماع على المنع بالنسخ.
الثاني : أنّ العقل يحكم بتفاوت النسخ عن التخصيص فالنسخ ممّا يتوفّر الداعي بضبطه ، ولذا قلّ الخلاف في موارده ويكون الخبر الدالّ عليه متواتراً غالباً ، فلا نحتاج في تعيين موارده إلى العمل بخبر الواحد ، بخلاف التخصيص كما يشهد لذلك الإرتكاز العقلائي فإنّه إذا قام خبر الواحد تارةً على مجيء أحد الأصدقاء مثلاً واخرى على مجيء شخص عظيم معروف خلف باب المدينة أو على وقوع الزلزلة وانهدام الحرم ومنارته بها فإنّهم يقبلون خبر الواحد في الأوّل ويرتّبون الآثار عليه دون الثاني لمكان الأهميّة ، فيستكشف من هذا أنّ طبيعة بعض الأخبار تتوفّر فيها الدواعي على نقلها وأنّها لو كانت لبانت ، ولعلّ هذا هو أساس اختصاص الإجماع على المنع بالنسخ.
ولنا جواب ثالث عن هذا الوجه ، وهو أنّا ننكر وجود الملازمة بين النسخ والتخصيص ، فإنّ النسخ ليس تخصيصاً في الأزمان للزوم تخصيص الأكثر حينئذٍ ، فلو كان مقتضى إطلاق أدلّة وجوب صلاة الجمعة مثلاً بقاؤه إلى يوم القيامة ولكن طرأ عليه دليل النسخ بعد زمان قصير فبناءً على كون النسخ تخصيصاً أزمانياً يوجب إخراج أكثر الزمان منذ ورود النسخ إلى يوم القيامة ، هذا ـ مضافاً إلى ما سيأتي من أنّه ليس للأحكام عموم أزماني ، فليس معنى قوله « يجب الصّلاة » مثلاً « يجب الصّلاة إلى يوم القيامة » بل الدوام مقتضى طبيعة القانون الشرعي حيث إن من طبعه أن يبقى ببقاء الشرع نظير القوانين العرفيّة العقلائيّة ، فليس معنى قولك :