« بعتك هذه الدار » مثلاً « ملّكتك إيّاها إلى الأبد » بل البقاء هو مقتضى طبيعة قانون الملكيّة ، نعم يستثنى من ذلك بعض القوانين كقانون الإجارة ، فليس مقتضى طبيعة الإجارة الدوام والاستمرار بل هو تابع لقصد المؤجر والمستأجر كما لا يخفى.
فالحقّ أنّ النسخ كالفسخ ، فكما أنّ التمليك يوجد الملكية من دون تقيّد بزمان والفسخ يرفعها بدونه أيضاً فكذلك النسخ ، وسيأتي شرح هذا الكلام عند البحث عن حقيقة النسخ.
الوجه الرابع : ( وهو العمدة ) الأخبار الدالّة على أنّ الأخبار المخالفة للقرآن باطلة أو يجب طرحها أو غيرهما من المضامين المشابهة ، وهي على طائفتين :
الاولى : طائفة واردة في مورد الخبرين المتعارضين وتجعل موافقة الكتاب من مرجّحات تقدّم أحد الخبرين على الآخر في مقام المعارضة وهي خارجة عن محلّ النزاع لأنّها ـ كما صرّح به بعضهم ـ يستفاد منها أنّ حجّية الخبر المخالف في نفسه كان مفروغاً عنها وإنّما منع من العمل به وجود الخبر الموافق للكتاب المعارض.
والثانية : طائفة تدلّ على أنّ ما خالف كتاب الله فهو باطل مطلقاً من دون أن يكون في مقام المعارضة وهي كثيرة وصريحة الدلالة على طرح المخالف كما أشار إليه في الكفاية ، ومن حيث اللحن واللسان مختلفة يمكن تقسيمها إلى ثلاث طوائف :
الاولى : ما تدلّ على اشتراط موافقة الخبر للكتاب مثل ما رواه عبدالله بن أبي يعفور قال : « سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن اختلاف الحديث يرويه من نطق به ، قال : إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وإلاّ فالذي جاءكم به أولى به » (١) وما رواه عبدالله بن بكير عن رجل عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث قال : إذا جاءكم عنّا حديث وجدتم عليه شاهداً أو شاهدين من كتاب الله فخذوا به ، وإلاّ فقفوا عنده ثمّ ردّوه إلينا حتّى يستبين لكم » (٢).
الثانية : ما تدلّ على أنّ ما خالف الكتاب زخرف ، نحو ما رواه أيّوب بن راشد عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف » (٣) وما رواه أيّوب بن الحرّ قال :
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١ ، الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ١١.
(٢) المصدر السابق : ح ١٨.
(٣) نفس المصدر : ح ١٢.