سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : « كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسنّة وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف » (١).
الثالثة : ما تدلّ على اشتراطهما جميعاً وهي أربعة نشير هنا إلى بعضها وهو ما رواه جميل بن درّاج عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : « الوقوف عند الشبهة خير من الإقتحام في الهلكة ، أنّ على كلّ حقّ حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه » (٢). وفي معناه ما رواه (٣) جابر عن أبي جعفر عليهالسلام وهشام بن الحكم عن أبي عبدالله عن النبي صلىاللهعليهوآله (٤) والسكوني عن أبي عبدالله عليهالسلام (٥).
والظاهر أنّ مقتضى الجمع بين هذه الأخبار كلّها وجوب طرح ما خالف كتاب الله ولا أقلّ من أنّه هو القدر المتيقّن منه ، وهو يكفينا في المقام فلا حاجة إلى البحث عن مدلولها واحدة بعد واحدة.
وكيف كان ، فإنّ هنا صغرى وكبرى ، أمّا الصغرى فهي أنّ خبر الواحد المخصّص لعموم الكتاب مخالف لكتاب الله تعالى ، وأمّا الكبرى فهي « كلّ ما خالف كتاب الله فهو باطل » فتكون النتيجة أنّ خبر الواحد المخالف للكتاب باطل لا يجوز تخصيصه به.
واجيب عن هذا الوجه بوجوه :
الوجه الأوّل : أنّ مخالفة الخاصّ مع العام ليست بمخالفة عرفاً بل يعدّ الخاصّ حينئذٍ بياناً للعام وشرحاً له.
وهذا الجواب حسن بعد ملاحظة ما مرّ منّا سابقاً من أنّ سيرة الشارع وعادته العمليّة إستقرّت على البيان التدريجي للأحكام وإلاّ فمع قطع النظر عن هذه النكتة فقد عرفت أنّ ورود الخاصّ المنفصل بعد العام يعدّ عرفاً معارضاً للعام.
الوجه الثاني : سلّمنا صدق المخالفة عرفاً هنا ، إلاّ أن المراد من المخالفة في الأخبار الآمرة بردّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ١٤ ، ج ١ ، الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي.
(٢) المصدر السابق : ح ٣٥.
(٣) المصدر السابق : ح ٣٧.
(٤) وسائل الشيعة : ج ١٨ ، الباب ٩ ، من أبواب صفات القاضي ، ح ١٥.
(٥) المصدر السابق : ح ١٠.