المجلسي رحمهالله تخالف الكتاب على نحو التباين أو تخالف بعض المسلّمات والضروريات كالتي تخبر عن وقوع النزاع والمعارضة بين علي عليهالسلام وفاطمة عليهاالسلام وما ورد من أنّ السادات العاصين لا يدخلون في نار جهنّم كيفما كانت المعصية وعلى أي مقدار ، مع أنّ الأوّل ينافي عصمة الأئمّة عليهمالسلام وفاطمة عليهاالسلام والثاني يستلزم زيادة الفرع على الأصل حيث إنّه ورد في القرآن الكريم مخاطباً للرسول صلىاللهعليهوآله : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) (١) ، أو قوله تعالى : ( وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالَيمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ) (٢) وهكذا ما ورد من أنّ عدد الأئمّة عليهمالسلام ثلاثة عشر فإنّها أخبار شاذّة نقطع ببطلانها إذا حملت على ظواهرها.
ثانيهما : أنّ هذا كلّه يتصوّر بالنسبة إلى الطائفة الثانية من روايات طرح الخبر المخالف للكتاب ، أمّا الطائفة الاولى وهي الأخبار الدالّة على وجوب الأخذ بالخبر الموافق وطرح الخبر المخالف التي وردت في خصوص باب الخبرين المتعارضين فالمشكلة الموجودة فيها أنّه إذا كانت النسبة بين الخبرين التباين الكلّي فهذه الأخبار إنّما هي في مقام تمييز الحجّة عن اللاّحجّة لا في مقام ترجيح إحدى الحجّتين على الاخرى بموافقتها للكتاب ، لأنّ المخالف للكتاب في هذه الصورة ليست بحجّة حتّى تصل النوبة إلى التعارض بينه وبين الموافق ، وإذن يتعيّن أن يكون مورد هذه الأخبار ما إذا كانت النسبة بين الخبر وكتاب الله العموم والخصوص مطلقاً ، وهذا يستلزم التفكيك في معنى الاختلاف في الطائفتين من الرّوايات مع أنّ الظاهر وحدة المفهوم فيهما.
واجيب عن هذه المشكلة بجوابين :
أحدهما : ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله في باب التعادل والتراجيح من أنّ الموافقة للكتاب في أخبار التعارض أيضاً لتمييز الحجّة عن اللاّحجّة.
ولكنّه في الواقع في تسليم للإشكال.
ثانيهما : أنّ التفكيك بين الطائفتين غير قادح إذا قامت القرينة ودلّ الدليل عليه كما في المقام.
__________________
(١) سورة الزمر : الآية ٦٥.
(٢) سورة الحاقّة : الآية ٤٦.