للحكم كما في قوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » فإنّ مقتضى إطلاق الشرط أنّ الكرّيّة مؤثّرة في العاصميّة من دون أن يكون شيء آخر دخيلاً فيه ، وإلاّ لكان عليه البيان ، فالقيد هو دخل شيء آخر في موضوع الكرّيّة ، وعدم بيانه مع كونه في مقام البيان يفيد أنّ الكرّيّة تمام الموضوع للعاصميّة ، وأمّا كون شيء آخر موضوعاً للحكم أيضاً فلا يوجب تقييداً في هذا الموضوع بوجه لكي نستفيد من عدم بيانه انحصار الحكم في هذا الموضوع.
وبعبارة اخرى : كون الكرّ علّة منحصرة في العاصميّة وعدمه لا دخل له ولا تأثير له في العلقة الموجودة بين الكرّيّة والعاصميّة ، فإنّ الكرّيّة تمام الموضوع للعاصميّة سواء كانت العاصميّة منحصرة فيها أم لا ، فلا يكون عدم الانحصار قيداً لعاصميّتها ، ولا يقتضي الإطلاق انحصار العلّة.
وثانياً : قد مرّ أنّ المستفاد من الجملة الشرطيّة إنّما هو مطلق التلازم بين الشرط والجزاء أعمّ من أن يكون من باب التلازم بين العلّة والمعلول أو من باب التلازم بين معلولي علّة واحدة ، فلا يكون مفاده منحصراً في العلّية حتّى يتكلّم في انحصارها أو عدم انحصارها.
البيان الثاني : أنّ عدم كون العلّة منحصره يقتضي قيداً في الكلام ، لأنّ معناه حينئذٍ أنّ هذا الشرط ( وهو الكرّيّة مثلاً ) مؤثّر في الجزاء ( وهو العاصميّة مثلاً ) إذا لم تتحقّق قبلها علّة اخرى مثل كون الماء جارياً ، وأمّا إذا كانت العلّة منحصرة فمعناه أنّ هذا الشرط يؤثّر في الجزاء مطلقاً سواء حصل قبله وصف الجريان أم لا ، فلا حاجة حينئذٍ إلى تقييد شيء ، فإذا كان المتكلّم في مقام البيان ولم يأت بالقيد المزبور ( أي عدم تحقّق علّة اخرى فيما قبل ) كان المستفاد من إطلاق كلامه انحصار العلّة في الشرط.
ويرد عليه أيضاً :
أوّلاً : ما مرّ آنفاً من أنّ غاية ما يستفاد من القضيّة الشرطيّة إنّما هو مطلق التلازم بين الشرط والجزاء لا خصوص التلازم الموجود بين العلّة والمعلول.
وثانياً : سلّمنا كون المستفاد من الجملة الشرطيّة هو العلّة والتلازم الموجود بين العلّة والمعلول ، لكنّها تكون على حدّ العلّية الاقتضائيّة لا الفعليّة ، أي يستفاد من قوله عليهالسلام « الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجّسه شيء » إمكان أن تكون الكرّيّة علّة لعدم التنجّس والعاصميّة ، لا أنّها علّة لها فعلاً حتّى ينافي حصول علّة اخرى من قبل.