بحث عن الثواب والعقاب الذين هما الميزان في كون المسألة كلاميّة.
وقال في تهذيب الاصول : « أنّ الملاك في كون الشيء مسألة اصوليّة هو كونها موجبة لإثبات الحكم الشرعي الفرعي بحيث يصير حجّة عليه ولا يلزم أن يقع وسطاً للإثبات بعنوانه بل يكفي كونه موجباً لاستنباط الحكم كسائر الأمارات العقلائيّة والشرعيّة » (١).
أقول : كيف يمكن كون الشيء حجّة وبرهاناً من دون وجود صغرى أو كبرى في البين ، ومن دون وقوعه وسطاً لإثبات الكبرى للصغرى ، فإنّ هذا لا يخلو من نحو تهافت وتناقض كما لا يخفى.
والصحيح أن يقال : ليس القطع من المسائل الاصوليّة لعدم كونه دليلاً وحجّة على الأحكام التي يقطع بها بل إنّه نتيجة الدليل ، والدليل هو ما يوجب القطع كالخبر المتواتر الذي نتيجته القطع بالحكم المؤدّي له.
وبعبارة اخرى : أنّ القطع هو نفس المقصد ونفس النتيجة لا ما يوصل إليها كما سيأتي بيانه تفصيلاً في البحث عن حجّية القطع إن شاء الله.
نعم يمكن إدخاله في المسائل الاصوليّة لواحد من هذه الوجوه :
الوجه الأوّل : أن لا يكون المقصود من القطع في ما نحن فيه القطع العقلي بل المقصود منه هو القطع العرفي المعبّر عنه بالاطمئنان ، وهو الظنّ القوي المتاخم بالعلم ، والذي لا ينافي وجود احتمال الخلاف ، وهو الموجود في أكثر الآراء العلميّة والنظريات الفلسفيّة ( إلاّ البديهيات أو شبهها ) كما سنشير إليه أيضاً ، حيث إن حجيّة القطع حينئذٍ تحتاج إلى جعل جاعل واعتبار معتبر فيقع وسطاً للإثبات.
الوجه الثاني : أن نلاحظه بالنسبة إلى بعض مسائله الداخلة في المسائل الاصوليّة قطعاً ، وهو خمسة من السبعة التي ذكرها المحقّق الخراساني رحمهالله في مباحث القطع وهي عبارة عن : ١ ـ البحث عن القطع الموضوعي ، ٢ ـ البحث عن أخذ القطع في موضوع نفسه ٣ ـ البحث عن الموافقة الالتزاميّة ٤ ـ قطع القطاع ٥ ـ العلم الإجمالي.
وأمّا المسألتان الاخريان ( وهما مسألة حجّية القطع ومسألة التجرّي ) فأوّليهما خارجة
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٥ ، طبع جماعة المدرّسين.