مأخوذاً بما هو طريق وكاشف عن الواقع ، واخرى بما هو صفة خاصّة وحالة مخصوصة للقاطع أو المقطوع به ، والفرق بينهما أنّ القطع من الصفات ذات الإضافة التي تحتاج إلى طرف آخر كالقدرة المحتاجة إلى المقدور ( في قبال الصفات الحقيقة التي لا تحتاج إلى ذلك كالحياة ونحو ذلك من الصفات القائمة بالنفس من دون حاجة إلى طرف آخر ) ، فإنّ القطع من جهةٍ نور لنفسه ويكون كمالاً للنفس ، ومن جهة اخرى نور لغيره وكاشف عن غيره ، أي الأمر المقطوع به ، وحينئذٍ تارةً يمكن أن يلاحظ بما هو صفة قائمة بالنفس ، واخرى بما أنّه طريق وكاشف عن الغير ، وبهذا تصير أقسام القطع الموضوعي أربعة ، وبانضمام القطع الطريقي إليه تصير خمسة.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني رحمهالله أنكر هنا القطع المأخوذ تمام الموضوع على نحو الكاشفيّة ، وجعل الأقسام ثلاثة قائلاً بأنّه غير معقول لأنّ معنى الأخذ على نحو الكاشفيّة أنّ للواقع دخلاً في الموضوع وهو لا يجتمع مع أخذه تمام الموضوع ، وفي قباله المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية والشيخ الحائري رحمهالله في الدرر أثبتا هذا القسم وجعلا الأقسام أربعة.
أقول : الحقّ أنّه وقع هنا بين المحقّق النائيني رحمهالله من جانب وبين العلمين المذكورين من جانب آخر مناقشة لفظيّة لأنّ لكلّ من الطرفين بل لكلّ واحد من الأعلام الثلاثة تفسيراً خاصّاً للقطع المأخوذ على نحو الكاشفيّة يناسب مع ما ذهب إليه من الإنكار أو الإثبات.
أمّا المحقّق النائيني رحمهالله فيفسّر المأخوذ على نحو الكاشفيّة بأنّ معناه أنّ للواقع دخلاً في الموضوع ، فبناءً على هذا التفسير يكون إنكاره في محلّه كما لا يخفى.
وأمّا المحقّق الخراساني رحمهالله فيقول : أنّ القطع لمّا كان من الصفات الحقيقيّة ذات الإضافة ، ولذا كان العلم نوراً لنفسه ونوراً لغيره صحّ أن يؤخذ فيه بما هو صفة خاصّه وحالة مخصوصة بإلغاء جهة كشفه أو اعتبار خصوصيّة اخرى فيه معها كما صحّ أن يؤخذ بما هو كاشف عن متعلّقه وحاكٍ عنه ، فمراده من الكاشفيّة مجرّد النظر إلى الغير وصرف التعلّق بالغير سواء كان الغير موجوداً في الخارج أو لم يكن ، لا أن يكون للواقع دخل.
كما أنّ المحقّق الحائري رحمهالله قال في الدرر : « والمراد من كونه ملحوظاً على أنّه صفة خاصّة ملاحظته من حيث إنّه كشف تامّ ، ومن كونه ملحوظاً على أنّه طريق ملاحظته من حيث إنّه أحد مصاديق الطرق المعتبرة ، وبعبارة اخرى : ملاحظة الجامع بين القطع وسائر الطرق