في الأحكام الفرعيّة ، ولا يحكمون فيما إذا أتى العبد بالعمل ولم يلتزم قلباً لا بوجوبه ولا بحرمته بأنّه هاتك للمولى.
وأمّا نقلاً فلعدم وجود رواية تدلّ على وجوب الموافقة الالتزاميّة ، ومع عدمه والشكّ في الوجوب تصل النوبة إلى البراءة ، نعم مقتضى أدلّة الإيمان بالنبوّة هو الإيمان بالأحكام الفرعيّة التي جاء بها النبي إجمالاً ، وهذا غير وجوب الالتزام القلبي بها تفصيلاً ، وخارج عن محلّ الكلام ، وممّا يؤيّد هذا المعنى غفلة عامّة الناس عن هذا الالتزام التفصيلي ، ولو كان واجباً لكان على الشارع البيان.
المقام الثالث في ثمرة المسألة : وليعلم أنّ المسألة ليست لها ثمرة في الاصول ، وإن كان قد يمنع ذلك من إجراء الاصول في أطراف العلم الإجمالي على بعض الاحتمالات ، بل تظهر ثمرتها في الفقه بلا واسطة ، فإنّ تعلّق العلم بحكم تفصيلاً كالعلم بوجوب الصّلاة وجب الالتزام به قلباً إن قلنا بوجوب الموافقة الالتزاميّة ولا يجب إن قلنا بعدمه ، وإن تعلّق العلم بحكم إجمالاً وجب الالتزام القلبي به كذلك إن قلنا بوجوبه كالعلم الإجمالي بوجوب صلاة الجمعة أو صلاة الظهر ، وذلك لعدم القدرة حينئذٍ على الالتزام التفصيلي ، وهكذا لو تعلّق العلم بما يدور بين المحذورين ، كما إذا علمنا بأنّ صلاة الجمعة إمّا حرام أو واجب ، فيكون الالتزام القلبي حينئذٍ مثله.
هذا كلّه بالنسبة إلى الحكم الواقعي ، وكذلك إذا كان الحكم ظاهريّاً كوجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي كمثال الواجب يوم الجمعة إذا دار أمر الوجوب بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر ، وكالحكم بالتخيير فيما إذا دار الحكم بين الوجوب والحرمة ، وبما أنّ العلم بهذا الحكم الظاهري يكون تفصيلياً يجب الالتزام به تفصيلاً ، فيكون الالتزام الواجب في مثل هذه الموارد قسمان : أحدهما : تفصيلي ، وهو الالتزام بالحكم الظاهري المعلوم تفصيلاً ، والآخر : إجمالي وهو الالتزام بالحكم الواقعي المعلوم إجمالاً.
ولا منافاة بينهما لعدم المنافاة بين الحكم الواقعي والظاهري كما سيأتي في محلّه إن شاء الله.
وبهذا يظهر ضعف ما قيل : بأنّ ثمرة المسألة تظهر في المسألة الاصوليّة ، وهي جريان الاصول في موارد التخيير ، فإذا قلنا بعدم وجوب الالتزام القلبي بالحكم الواقعي فلا مانع من جريان البراءة عن الوجوب والبراءة عن الحرمة في دوران الأمر بين الوجوب والحرمة مثلاً ، لأنّ جريانها إنّما يستلزم المخالفة العلميّة الالتزاميّة فقط ، والمفروض عدم وجوبها ، وأمّا إن قلنا