في مورد واحد وهو محال كاجتماع الضدّين ، وحينئذٍ لابدّ من التصرّف في الظهور بأحد الطرق الثلاثة : إمّا بالالتزام بعدم دلالة الجملة الشرطيّة في حال تعدّد الشرط على حدوث الجزاء عند حدوث الشرط ، بل تدلّ على الثبوت عند الثبوت فحسب ،
وإن شئت قلت : نرفع اليد من تأثير الشرط الثاني في حدوث الجزاء ، وهذا في الحقيقة تصرف في أداة الشرط.
أو بالالتزام بتأثير الشرط الأوّل في الوجوب وتأثير الشرط الثاني في تأكّد الوجوب فقط ، وهو تصرّف في هيئة الجزاء في الجملة الثانية.
أو بالالتزام بكون متعلّق الحكم في الجزاء حقائق متعدّدة تنطبق على فعل واحد ، فماهيّة غسل الجنابة غير ماهيّة غسل مسّ الميّت كتفاوت ماهيّة صلاة الفريضة بالنسبة إلى ماهيّة صلاة النافلة ، وهذا تصرّف في مادّة الجزاء.
ولا يخفى إنّ هذه الوجوه الثلاثة جميعها تصرّفات في الظهور الوضعي ، وهيهنا وجه رابع يتصرّف فيه في إطلاق المادّة والفعل ( أي الظهور الإطلاقي ) وتقييدها بمرّة اخرى كي لا يتعلّق الحكم الثاني بعين ما تعلّق به الأوّل فيلزم اجتماع المثلين بل تعلّق الحكم الأوّل بمصداق وتعلّق الحكم الثاني بمصداق آخر.
ولا يخفى أنّ مقتضى الوجه الأوّل والثاني هو تداخل الأسباب ، ومقتضى الوجهين الأخيرين تداخل المسبّبات ، فوقع البحث في أنّه ما هو الأولى من هذه الوجوه؟
فالقائلون بعدم التداخل ذهبوا إلى أنّ الأولى هو الوجه الأخير ، واستدلّوا له بأنّ التصرّف في إطلاق المادّة أهون من الثلاثة الاول كلّها ، من باب أنّ جميعها تصرّفات في الظهور ومخالفة لظاهر الكلام بخلاف التصرّف في إطلاق المادّة فإنّه ليس مخالفة لظهور الإطلاق حيث إنّ الإطلاق إنّما ينعقد بمقدّمات الحكمة التي منها عدم البيان ، ولا إشكال في أنّ ظهور الجملة الشرطيّة في حدوث الجزاء عند حدوث الشرط يكون بياناً لكون المراد من المادّة في الجزاء الثاني فرداً آخر غير الفرد الذي وجب بالشرط الأوّل.
ولكن يرد عليه :
أوّلاً : أنّ هذا تامّ بناءً على ظهور القضيّة الشرطيّة في السببية الفعلية لا الاقتضائيّة حيث إن السببية الاقتضائيّة معناها أنّ الشرط مثلاً مقتضٍ للجزاء ويؤثّر فيه لولا المانع ، وأمّا إذا