رواه البخاري (١) في صحيحه عن قتادة : سألت أنس بن مالك : من جمع القرآن على عهد النبي صلىاللهعليهوآله؟ قال : « أربعة كلّهم من الأنصار ، ابي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زبيد ».
ومن هذه الرّوايات ما رواه النسائي بسند صحيح عن عبدالله بن عمر قال : « جمعت القرآن فقرأت به كلّ ليلة فبلغ النبي صلىاللهعليهوآله فقال اقرأه في شهر ... ».
ومنها : ما رواه منتخب كنز العمال (٢) عن الطبراني وابن عساكر عن الشعبي قال : « جمع القرآن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ستّة من الأنصار : ابي بن كعب وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل وأبو الدرداء وسعد بن عبيد وأبو زيد ، وكان مجمع بن جارية قد أخذه إلاّسورتين أو ثلاث ».
هذه هي الوجوه والقرائن التي تدلّ على أنّ القرآن قد جمع على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولو أُورد على بعض هذه القرائن فلا أقلّ من أنّ في مجموعها بما هو المجموع غنىً وكفاية في الدلالة على المقصود.
بقي هنا أمران :
أحدهما : جمع القرآن من قِبل أمير المؤمنين عليهالسلام.
والثاني : جمع القرآن من قِبل عثمان.
أمّا الأمر الأول : فقد ورد في الرّوايات أنّ أمير المؤمنين علي عليهالسلام لزم بيته بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يخرج من بيته حتّى جمع القرآن مع تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ ، وهو بحسب الواقع جمع لتفسير القرآن الكريم ، ويشهد لذلك عدّة من الرّوايات :
منها : ما رواه في البحار عن كتاب سليم بن قيس : أنّ أمير المؤمنين لمّا رأى غدر الصحابة وقلّة وفائهم لزم بيته ، وأقبل على القرآن يؤلّفه ويجمعه فلم يخرج من بيته حتّى جمعه ، وكان في المصحف والشظاظ والأسيار والرقاع فلمّا جمعه كلّه وكتبه بيده تنزيله وتأويله والناسخ منه والمنسوخ بعث إليه أبو بكر أن اخرج فبايع فبعث إليه أنّي مشغول فقد آليت على نفسي يميناً
__________________
(١) صحيح البخاري : ج ٦ ، ص ١٠٢ ، نقلاً من كتاب البيان : ص ٢٦٩.
(٢) كنز العمال : ج ٢ ، ص ٤٨ ، نقلاً من كتاب التبيان : ص ٢٦٩.