ما سمعناه من قول شيخنا نفسه وأمّا عمله فقد رأيناه وهو لا يقيم لما ورد في مضامين الأخبار وزناً بل يراها أخبار آحاد لا تثبت بها القرآنيّة بل يضرب بخصوصيّاتها عرض الجدار سيرة السلف الصالح من أكابر الإماميّة كالسيّد المرتضى والشيخ الطوسي وأمين الإسلام الطبرسي قدسسرهم وغيرهم ، ولم يكن العياذ بالله ـ يلصق شيئاً منها بكرامة القرآن وإن ألصق ذلك بكرامة شيخنا من لم يطّلع على مرامه وقد كان باعتراف جميع معاصريه رجاليّ عصره والوحيد في فنّه ولم يكن جاهلاً بأحوال تلك الأحاديث ـ كما ادّعاه بعض المعاصرين ـ حتّى يعترض عليه بأنّ كثيراً من رواة هذه الأحاديث ممّن لا يعمل بروايته ، فإنّ شيخنا لم يورد هذه الأخبار للعمل بمضامينها بل للقصد الذي أشرنا إليه ».
فاعتذر هو في هذه العبارة بأمرين :
أوّلاً : بأنّ استاذه أثبت عدم وقوع التحريف بالزيادة أو النقصان أو التغيير والتبديل من لدن جمع عثمان حتّى اليوم.
وثانياً : بأنّ استاذه لم يرد هذه الأخبار للأخذ بها والعمل بمضامينها.
ثالثاً : يستفاد اعتذاره من بعض كلماته في الذريعة بأنّ استاذه أثبت أنّ ما وقع من التحريف في الكتاب العزيز قبل جمع عثمان إنّما هو خصوص التحريف بالنقيصة لا الزيادة أو التغيير والتبديل ، والنقيصة لا تسمّى تحريفاً ولا يوجب سقوط الكتاب عن الاعتبار بل الموجب له إنّما هو الزيادة أو التغيير والتبديل.
أقول : ـ بالرغم من فائق الاحترام لكلّ من الاستاذ والتلميذ ـ : لا قيمة لشيء من هذه الاعتبارات الثلاث أصلاً :
أمّا الاعتذار الثالث فلأنّ سقوط عدد كثير من الآيات عن الكتاب العزيز على فرض المحال مع ملاحظة ما أشرنا إليه سابقاً من أنّ القرآن يفسّر بعضه بعضاً ـ من أتمّ مصاديق التحريف حقيقة ولو فرض عدم تسميته به في العرف أو اللغة ، ولا فرق بينه وبين التحريف بالزيادة أو التغيير ، وليس النزاع في صدق لفظ التحريف وعدمه ، فإنّ الحكم هنا لا يدور مدار الألفاظ.
وأمّا الاعتذار الثاني فلأنّ من لاحظ كتاب فصل الخطاب يعلم أنّه لا يوافق ما يدّعي من أنّ استاذه كان بصدد نفي التحريف أصلاً.