من طريق عمر وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وأنس بن مالك وابن عمر وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان وغيرهم (١).
ففي سنن ابن ماجة (٢) : حدّثني أبو خلف الأعمى قال : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « إنّ امّتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم » وفي نقل آخر : « لم يكن الله ليجمع امّتي على الضلالة » وفي ثالث : « سألت الله أن لا يجمع امّتي على الضلالة فأعطانيها » وفي رابع : « لا تزال طائفة من امّتي على الحقّ ظاهرين لا يضرّهم من خالفهم » ( وفي تعبير آخر : لا يضرّهم خلاف من خالفهم ).
وقد نوقش فيه : تارةً من ناحية السند ، واخرى من ناحية الدلالة ، أمّا السند فقد ناقش فيه أهل السنّة أنفسهم ، منهم بعض شرّاح سنن ابن ماجة فإنّه قال في ذيل هذا الحديث : « وفي إسناده ابو خلف الاعمى واسمه حازم ابن عطاء وهو ضعيف ، وقد جاء الحديث بطرق في كلّها نظر ».
أمّا الدلالة فلو كان في التعبير الوارد في الحديث كلمة « خطأ » كما هو المعروف في الألسنة أي كان الحديث هكذا : لا تجتمع امّتي على خطأ ، فلا إشكال في دلالته لكن لم يرد الحديث بهذا التعبير في الجوامع الموجودة ، بل التعبيرات منحصرة فيما نقلناه (٣) ، وحينئذٍ لقائل أن يقول : إنّ التعبير بالضلالة الموجود فيها ظاهرة في الضلالة في اصول الدين لأنّ هذا هو المتبادر من الضلالة ، فلا يثبت بها حجّية الإجماع في الأحكام الفرعيّة ، هذا أوّلاً.
وثانياً : سلّمنا الإطلاق وصحّة السند إلاّ أن متعلّق الضلالة فيها هو لفظ الامّة ، فيكون المفاد حينئذٍ أنّ جميع المسلمين لا يجتمعون على باطل ( لأنّ الظاهر من الامّة هو تمام الامّة ) وهذا لا يفيد إلاّمن يقول بأنّ إجماع الامّة حجّة ، أمّا سائر الأقوال كإجماع العلماء أو إجماع
__________________
(١) راجع الاصول العامّة للفقه المقارن : ص ٢٦١.
(٢) سنن ابن ماجة : ج ٢ ، ح ١٣٠٣.
(٣) نعم في شرح ابن أبي الحديد : ج ٨ ، الخطبة ١٢٨ ، ص ١٢٢ : « قوله عليهالسلام : والزموا السواد الأعظم » وهو الجماعة وقد جاء في الخبر من رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه اللفظة التي ذكرها عليهالسلام وهي : « يد الله على الجماعة لا يبالي بشذوذ من شذّ » وجاء في معناها كثير نحو قوله عليهالسلام : « الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد » وقوله : « لا تجتمع امّتي على خطأ » وقوله : « سألت الله ألاّ تجتمع امّتي على خطأ فأعطانيها » وقوله : « لم يكن الله ليجمع امّتي على ضلالة ولا خطأ ».