إن قلت : إنّ الثبوت هنا هو بمعنى الوجود ، فيكون البحث عن وجود الموضوع ، والبحث عن وجود الموضوع ليس بحثاً عن عوارضه لأنّ المراد من العوارض ما يعرض الشيء بعد وجوده.
قلت : إنّ الوجود الذي لا يكون من المسائل والعوارض بل يكون من المبادىء هو الوجود الحقيقي لا التعبّدي ، أمّا الثبوت التعبّدي فهو من العوارض وهو المقصود في المقام ، لأنّ البحث في ما نحن فيه بحسب الواقع في أنّه هل تثبت السنّة الواقعيّة بخبر الواحد تعبّداً أو لا؟ ( انتهى ).
وإستشكل عليه المحقّق الخراساني رحمهالله بما حاصله : أنّ الثبوت التعبّدي ليس هو المبحوث عنه في المسألة بل لازم لما هو المبحوث عنه ، وهو حجّية الخبر ، فإنّ الخبر إن كان حجّة شرعاً لزمه ثبوت السنّة به تعبّداً وإلاّ فلا ، والملاك في كون المسألة من المباحث أم من غيرها هو نفس عنوانها المبحوث عنه لا ما هو لازمه.
أقول : الإنصاف أنّ طريق الشيخ الأنصاري رحمهالله أيضاً خلاف تعبيرات القوم ، فإنّا لم نجد أحداً منهم يعبّر عن عنوان المسألة بهذا التعبير ، بل كلامهم يدور مدار عنوان حجّية خبر الواحد.
الرابع : ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله وهو ما مرّ منه في بداية الاصول من عدم اختصاص موضوع علم الاصول بالأدلّة الأربعة كي تكون المسألة الاصوليّة باحثة عن أحوالها وعوارضها بل إنّه الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتّتة ، والملاك في كون المسألة اصوليّة أن تقع نتيجتها في طريق الاستنباط ، وحينئذٍ مسألة حجّية خبر الواحد بحسب هذا الملاك تكون من المسائل الاصوليّة.
ويظهر الإشكال فيه ممّا مرّ في محلّه من ضعف المبنى.
ثمّ إنّ المحقّق النائيني رحمهالله حاول إحياء طريق الشيخ الأنصاري رحمهالله ببيان حاصله : أنّ البحث في حجّية خبر الواحد يرجع إلى البحث عن أنّه هل تنطبق السنّة على مودّى الخبر أو لا (١)؟
واستشكل عليه المحقّق العراقي رحمهالله في الهامش بما حاصله : أنّ انطباق الماهيّة على مصداقها
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ٣ ص ١٥٧ ـ ١٥٨.