مسلّماً ، إلاّ أنّه لا يفيد في الدلالة على المفهوم ما لم يصل إلى حدّ الظهور.
هذا كلّه هو الوجه الأوّل لمنكري مفهوم الوصف ، وهو وجه تامّ إلاّمن ناحية حصرهم القرائن العامّة في الثلاثة المزبورة فانّه ممّا لا دليل عليه عقلاً.
الوج الثاني : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله ( ووافقه على ذلك في هامش أجود التقريرات وصرّح بأنّه متين ) وحاصله : إنّ القيود الواردة في الكلام تارةً ترجع إلى المفهوم الإفرادي ( الموضوع أو المتعلّق ) واخرى إلى الجملة التركيبية بحيث يكون القيد قيداً للمادّة المنتسبة ( الحكم ) ، وملاك الدلالة على المفهوم هو أن يكون القيد راجعاً إلى الحكم ، أي إلى المادّة المنتسبة ليترتّب عليه ارتفاع الحكم عند ارتفاع قيده ، إذ لو كان الحكم ثابتاً عند عدم القيد أيضاً لما كان الحكم مقيّداً به بالضرورة ، ففرض تقييد الحكم بشيء يستلزم فرض انتفائه بانتفائه ، وأمّا إذا كان القيد راجعاً إلى المفهومي الإفرادي والموضوع ، فغاية ما يترتّب على التقييد هو ثبوت الحكم على المقيّد ، ومن الضروري أنّ ثبوت شيء لشيء لا يستلزم نفيه عن غيره ، وإلاّ لكان كلّ قضيّة مشتملة على ثبوت حكم على شيء دالة على المفهوم وذلك واضح البطلان ، وبما أنّ الظاهر في الأوصاف أن تكون قيوداً للمفاهيم الإفراديّة يكون الأصل فيها عدم الدلالة على المفهوم كما هو الحال في اللقب عيناً (١).
أقول : الإنصاف أنّ ما أفاده إنّما هو أحد طرق إثبات المفهوم ، فإنّه ربّما يستفاد من ناحية إحترازيّة القيود مع رجوعها إلى الموضوع والمفهوم الإفرادي على تعبيره ، بل قد لا يكون للكلام مفهوم وان رجع القيد إلى الحكم والمفهوم التركيبي إذا كان المقصود من أخذه في الكلام أمراً آخر غير الانتفاء عند الانتفاء كأن يؤتى به لكون مورده محلاً لابتلاء المخاطب مثلاً.
فظهر إلى هنا عدم تمام كلا الوجهين لإثبات عدم المفهوم فالأولى لمنكره الاكتفاء بما هو مقتضى القاعدة وطلب البرهان من مدّعيه.
فنقول : استدلّ المثبتون بوجوه اشير إلى بعضها ضمن بيان أدلّة المنكرين ( منها اللغويّة لولا المفهوم ، والإطلاق وإشعاره بالعلّية ) وبقى غيرها :
فمنها : أنّ الأصل في القيود أن تكون إحترازيّة وذلك ببيانين :
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٣٤ ـ ٤٣٥.