التمسّك بقوله تعالى : ( إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) » هذا ـ مضافاً إلى أنّه لا يجري بناءً على مبنى القائلين باشتمال المشتقّ على الذات حيث إنّه حينئذٍ لا فرق بين القسمين في الاعتماد على الذات.
وكيف كان ـ فقد استدلّ القائل بعدم المفهوم ( مع أنّه على المنكر إقامة الدليل ) بوجهين :
الوجه الأوّل : إنّ دلالة الوصف على المفهوم امّا بالوضع أو بالقرينة العامّة ، وكلاهما ممنوعان ، إمّا الوضع فلأنّه لو كان الوصف دالاً على المفهوم بالوضع لكان استعماله في غيره مجازاً ، وهو ممنوع.
وأمّا القرينة العامّة فلأنّها لا تخلو من أن تكون واحدة من الثلاثة : لزوم اللغويّة ، كون الوصف مطلقاً مع أنّ المتكلّم في مقام البيان ، وكونه مشعراً بالعلّية المنحصرة.
أمّا لزوم اللغويّة فالجواب عنه إنّ اللغويّة إنّما تلزم فيما إذا انحصرت فائدة الوصف في المفهوم مع أنّه قد يترتّب عليه فوائد كثيرة اخرى فقد يؤتى به لإبراز شدّة الإهتمام بمورد الوصف ، مثل قوله : « إيّاك وظلم اليتيم » ، أو « إيّاك وغيبة العلماء » أو لدفع توهّم عدم شمول الحكم لمورد الوصف كما في قوله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ) ( هذا شبيه الوصف ) أو لعدم حاجة السامع إلى ما سوى مورد الوصف كقولك لمن لا يجد غير ماء البئر :
ماء البئر طاهر مطهّر ، أو لغير ذلك من امور اخر كعلم المخاطب بحكم غير مورد الوصف أو توضيح ما اريد بالموصوف والكشف عنه أو غير ذلك.
وأمّا الإطلاق ( والمقصود منه إنّه لو كان للوصف عديل أو جزء آخر لذكره المتكلّم لكونه في مقام البيان فإطلاقه دالّ على أنّه لا عديل له ، كما أنّه دالّ على كونه تمام الموضوع للحكم ).
فيرد عليه : أنّ هذا الإطلاق ـ الذي يكون إطلاقاً مقاميّاً على فرض وجوده ، أي على فرض كون المتكلّم بصدد بيان العلّة المنحصرة أو الموضوع المنحصر للحكم ـ لا يختصّ في دلالته على المفهوم بباب الوصف بل إنّه يجري في اللقب أيضاً ، وحينئذٍ تكون الدلالة على المفهوم مستندة إلى وجود القرينة لا إلى الوصف وإلاّ لكانت الدلالة مختصّة بالوصف فحسب.
وأمّا إشعار الوصف بالعلّية المنحصرة فالجواب عنه : إنّ إشعار الوصف بها وإن كان