الحيل وحرمة التوصّل بها ، ومثّل له بما إذا باع شيئاً نسيئة بمبلغ ثمّ اشتراه منه بثمن أقلّ منه فأعطاه الأقل لكي يأخذ منه الأكثر عند الأجل ، وهذا من الحيل للخروج عن الربا (١).
واستدلّوا لحجّية سدّ الذرائع بروايات وآيات كثيرة حتّى جمع بعضهم تسع وتسعين آية تدلّ على حرمة مقدّمة الحرام :
منها : قوله تعالى : ( وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (٢).
ومنها : قوله تعالى : ( وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) (٣).
ومنها : قوله تعالى : ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) (٤).
وهذا معناه إنّهم أرادوا أن يثبتوا حرمة مقدّمة الحرام بالاستقراء ، وهو تامّ فيما إذا حصل منه العلم.
هذا كلّه هو حاصل كلماتهم.
ثمّ إنّه لابدّ لتكميل هذا البحث من ذكر نكات :
الاولى : أنّ الإنصاف أنّ اصول العامّة تكون من جهة العمق والمحتوى في مراحل أوّليّة بالنسبة إلى اصول الشيعة ، ويشهد لذلك خلطهم في المقام بين ثلاث عناوين : عنوان « مقدّمة الحرام » الذي يبحث عنه مستقلاً ، وعنوان « حرمة الإعانة » الذي لا ربط له بمقدّمة الحرام بل هو عنوان مستقلّ محرّم بنفسه كما مرّ في بعض الأبحاث السابقة ، وعنوان « الحيلة » لا ربط له أيضاً بمقدّمة الحرام ولا معنى للمقدّمة وذي المقدّمة فيه بل إذا وقع البيعان المزبوران مثلاً جامعين لأركان البيع شرعاً ولو كان بداعي الفرار عن الربا فلا إشكال في صحّتهما ، وإذا وقعا فاسدين خاليين عن القصد الجدّي للبيع والشراء فلا إشكال أيضاً في حرمتهما وبطلانهما سواء كانت مقدّمة الحرام حراماً أم لم تكن.
الثانية : أنّ عمدة الأدلّة وأحسنها في مبحث مقدّمة الحرام والواجب هو ما مرّ هناك من أنّ الطلب الإنشائي كالطلب التكويني ، والزجر الإنشائي كالزجر التكويني ، وبعبارة
__________________
(١) راجع الموافقات : ص ١٩٩.
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٠٨.
(٣) سورة النور : الآية ٣١.
(٤) سورة المائدة : الآية ٢.