البسيط العقلاني باللفظ بحيث كان اللفظ والإرادة مغفولين عنهما حين الاستعمال ، فهذه بعينها هي الإرادة الجدّية التي بها يتقوّم استعمال اللفظ في معنى مّا ، وإن اريد بها الإرادة الهزليّة المقابلة للإرادة الجدّية والداعية إلى إرادة إيجاد المعنى باللفظ فهي وإن كانت لا تنافي استعمال اللفظ في معناه الموضوع له لوضوح أنّ الاستعمال الحقيقي لا يدور مدار كون الداعي إلى الاستعمال هو خصوص الإرادة الجدّية إلاّ أنّه لا يعقل الالتزام بكون الداعي إلى استعمال العمومات الواردة في الكتاب والسنّة في معانيها هي الإرادة الهزليّة » (١).
ثمّ إنّه تصدّى لحلّ المسألة بطريق آخر يرجع بالمآل إلى ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله من تعدّد الدالّ والمدلول ، فقال : « إنّ أداة العموم لا تستعمل إلاّفي ما وضعت له كما أنّ مدخولها لم يستعمل إلاّفيما وضع له ، أمّا عدم استعمال المدخول إلاّفي نفس ما وضع له فلأنّه لم يوضع إلاّ لنفس الطبيعة المهملة الجامعة بين المطلقة والمقيّدة ، ومن الواضح أنّه لم يستعمل إلاّفيها وإفادة التقييد بدالّ آخر لا تنافي استعمال اللفظ في نفس الطبيعة المهملة كما هو ظاهر ، وأمّا عدم استعمال الأداة إلاّفيما وضعت له فلأنّها لا يستعمل أبداً إلاّفي تعميم الحكم لجميع أفراد ما اريد من مدخولها ، غاية الأمر أنّ المراد من مدخولها ربّما يكون أمراً وسيعاً واخرى يكون أمراً ضيّقاً ، وهذا لا يوجب فرقاً في ناحية الأداة أصلاً » (٢).
أقول : يرد عليه :
أوّلاً : إنّ كلا المعنيين اللذين ذكرهما في تفسير المراد من الإرادة الاستعماليّة غير مقصود في المقام ، بل المراد منها هنا أنّ اللفظ تارةً يستعمل في معناه الموضوع له ويريد به المتكلّم تفهيم المخاطب لتمام معناه من دون أن تكون إرادته ناشئة عن كون الحكم المجعول على عنوان ذلك اللفظ ثابتاً له واقعاً بل هي ناشئة من غرض آخر ، واخرى يكون الغرض تفهيمه ، وهذا مقدّمة له.
ثانياً : ما مرّ في باب دلالات الألفاظ من الإشكال المبنائي ، وهو أنّ دلالة اللفظ ترجع إلى الحكاية والعلاّمة لا إلى الإيجاد والإنشاء إلاّفي بعض الألفاظ مثل أداة التمنّي والترجّي كما مرّ بيانه هناك. ( وفي كلامه إشكال آخر ستأتي الإشارة إليه ).
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٤٧.
(٢) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ٤٤٩ ـ ٤٥٠.