وأمّا ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله ( من الفرق بين المتّصل والمنفصل وأنّ العام في المخصّص المتّصل باقٍ على عمومه واستعمل في استغراق تمام الأفراد وإنّما تحقّق التقييد والإخراج بالنسبة إلى خصوص المدخول ، وإنّ في المنفصل وإن حصل الإخراج بالنسبة إلى العام إلاّ أنّه تعلّق بالإرادة الاستعماليّة لا الجدّية ).
فيرد عليه :
أوّلاً : أنّه حصر لتخصيص المتّصل في الوصف وما يشبهه من القيود الراجعة إلى الموضوع ، مع أنّ التخصيص بكلمة « إلاّ » أيضاً تخصيص متّصل وهو قيد للحكم لا للموضوع.
نعم ، إنّها ترجع إلى الموضوع في خصوص الأعداد كما مرّ ، ففي قوله تعالى : ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً ) يرجع قيد « إلاّ خمسين » إلى كلمة « الف سنة » لا إلى « لبث » وأمّا في غير الأعداد فلا إشكال في رجوعه إلى الحكم ، والشاهد على ذلك تصريحهم بأنّ كلمة « إلاّ » بمعنى « استثنى » لا بمعنى كلمة « غير » حتّى يكون وصفاً.
إن قلت : لو كان الأمر كذلك فما هو الحكم في العام المخصّص بكلمة إلاّ؟
قلنا : لا فرق بينه وبين التخصيص بالمنفصل ، فكما أنّ التخصيص بالمنفصل إخراج عن خصوص الإرادة الجدّية ، والعام فيه باقٍ على عمومه بالنسبة إلى الإرادة الاستعماليّة فكذلك في التخصيص المتّصل بكلمة « إلاّ ».
إن قلت : لو كان القيد راجعاً إلى خصوص الإرادة الجدّية ، والعام استعمل في عمومه واستغراقه فلماذا لم يبيّن المولى مراده الجدّي ابتداءً؟ وما هو الداعي في استعماله العام فيما لم يردّه جدّاً؟
قلنا : يتصوّر لذلك فوائد كثيرة :
الاولى : كونه في مقام ضرب قاعدة للتمسّك بها في الموارد المشكوكة.
الثانية : عدم إمكان بيان الباقي بدون الاستثناء لعدم عنوان أو اسم له ، كأن لا يكون للقوم غير زيد عنوان يختصّ بهم كي يرد الحكم عليه ، فلا بدّ حينئذٍ من استثناء القوم بكلمة « إلاّ زيد ».
الثالثة : التأكيد وبيان الشأن الذي تقتضيه البلاغة والفصاحة أحياناً كما في قوله تعالى : ( فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً ) فالفرق بين هذا التأكيد الذي يوجد في التعبير