مراتب الاستحباب وتعدّد المطلوب.
هذا كلّه في البحث عن أنّ العام هل هو مجاز في الباقي أو حقيقة حيث ذكرناه بعنوان المقدّمة لمسألة اخرى ، وهي أنّ العام هل هو حجّة في الباقي أو لا؟
فنرجع إلى البحث فيها ونقول ـ ومن الله نستمدّ التوفيق والهداية ـ : أمّا بناءً على مبنى المحقّق الخراساني رحمهالله من رجوع التخصيص في المتّصل إلى تقييد المدخول ومن تعلّقه بخصوص الإرادة الاستعماليّة في المنفصل فالأمر واضح ، لأنّه لا إشكال حينئذٍ في تطابق الإرادتين بالنسبة إلى غير أفراد المخصّص فيكون العام حجّة فيها ، وأمّا بناءً على مبنى المحقّق النائيني رحمهالله من تقييد المدخول في المتّصل والمنفصل كليهما فالأمر أوضح كما لا يخفى ، وكذلك بناءً على ما اخترناه من بقاء الإرادة الجدّية على حالها في كلا القسمين وتخصيص خصوص الإرادة الاستعماليّة ، حيث إنّ العام على هذه المباني ليس مجازاً في الباقي ، فلا إشكال حينئذٍ في كونه حجّة فيه.
أمّا إذا قلنا بكونه مجازاً فيه فقال بعض أيضاً بأن العام حجّة في الباقي ، ولإثباته طريقان :
الأوّل : طريق المشهور وهو أنّ الباقي أقرب المجازات ، فيحمل اللفظ عليه إذا علم أنّه لم يستعمل في معناه الحقيقي.
الثاني : طريق شيخنا الأعظم الأنصاري رحمهالله وهو أنّ دلالة العام على كلّ فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده ، فإذا لم يدلّ على فرد لخروجه عنه بدليل خاصّ لم يستلزم عدم دلالته على بقيّة الأفراد ولو كانت دلالته على الباقي مجازاً ، فإنّ كونه مجازاً ليس من ناحية دخول فرد أجنبي بل بسبب خروج فرد من أفراده ، فالمقتضي لحمل العام على الباقي موجود والمانع مفقود أيضاً ، لأنّ المانع ليس إلاّ المخصّص ، ولا مخصّص إلاّبالنسبة إلى ما علم خروجه بدليل خاصّ ، ولو فرض الشكّ في وجود مانع آخر غير المخصّص المعلوم فهو مرفوع بالأصل ، فإذا كان المقتضي وهو دلالة العام موجوداً والمانع عنه وهو المخصّص الآخر مفقوداً ولو بالأصل ـ وجب الحمل على الباقي.
أقول : حاصل كلامه قدسسره بالنسبة إلى وجود المقتضي هو أنّ هنا دلالات متعدّدة ، كما عبّر عنه المحقّق العراقي رحمهالله بأنّ الحكايات متعدّدة بتعدّد المحكي وإن كان الحاكي واحداً.
واستشكل عليه بأنّ تعدّد المحكي والمدلول لا يوجب تعدّد الحكاية والدلالة بعد كون