المنقول من جماعة ، لكن لا يخفى أن تارك الواجب كالتعلم ونحوه انما يكون عاصيا بنفس الترك لا بالسفر ، الا اذا كان مضادا للواجب وقلنا باقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده الخاص.
وقد تقدم الكلام في ذلك مرارا ، وأن الظاهر عدم الاقتضاء ، كما اختاره قدسسره ، مع أن التضادين التعلم والسفر غير متحقق في أكثر الاوقات. فما ذكره قدسسره من ان ادخال هذا القسم يقتضي عدم الترخص الا لاوحدي الناس غير جيد (١).
أقول : سفر تارك الجمعة بعد وجوبها عليه انما كان معصية لاستلزامه ترك الواجب ، وهذه العلة بعينها موجودة في سفر يستلزم ترك تعلم العلم الواجب عينا أو كفاية ، وسيدنا قدسسره قال بالاول لدخوله تحت مقتضى كلام الاصحاب واطلاق النص ، فليقل بالثاني لذلك ، والا نطالبه بالفرق.
وأما أن السفر قد يجامعه التعلم فهو كلام آخر ، وانما الكلام في سفر لا يجامعه كما هو ظاهر كلام جده قدسسرهما.
ومنه يعلم أن قوله « تارك الواجب يكون عاصيا بنفس الترك لا بالسفر » خارج عن موضع النزاع ، لان النزاع في تارك واجب بسفره ، فيكون عاصيا به ، لا بنفس الترك ، كما اذا ترك الواجب في سفر هو متمكن فيه من فعله ، فان هذا السفر لا يكون سفر معصية ، بل تركه الواجب فيه وهو متمكن من فعله معصية ، كما في الحضر بعينه.
مثلا من سافر سفرا لا يتمكن فيه بسببه من اقامة الصلاة ، فسفره هذا سفر معصية ، وأما اذا تمكن فيه منها وتركها ، فليس هذا بسفر معصية ، وان كان تركها فيه معصية ، وكذا من لم يتمكن بسفره من تعلم العلم الواجب عليه تعلمه ،
__________________
(١) مدارك الاحكام ٤ / ٤٤٦ ـ ٤٤٧.