فهذا الكلام من الراوي يدل على اعتبار الرؤية قبل الزوال ، لا على اعتبارها كما ظنه ، والا لما وجب عليه اتمام الصيام الى الليل على أنه من شعبان ، بل على أنه من رمضان ، وكانه حملت وسط النهار على ما حمله عليه صاحب الذخيرة بل الظاهر أنه أخذه منه ، لانه متأخر منه زمانا ، وقد عرفت ما في هذا الحمل ، فتأمل.
ثم أقول : قوله عليهالسلام « لا تصمه » أي : لا تصم يوم الثلاثين المفهوم بحسب المقام ، الا أن ترى الهلال في ليلته ، فان لم تره فيها ولم تصمه لذلك ، فان شهد أهل بلد آخر قريب من بلدك أنهم رأوه فيها ، فاقض ذلك اليوم لذلك وجوبا ، واذا رأيت الهلال في وسط نهار تلك الليلة ، فان كنت صائما فيه فأتم صومه الى الليل ، وان لم تكن صائما فلا شيء عليك.
هذا غاية ما يستفاد من هذا الحديث ، ولا دلالة فيه على أحد المذهبين ، الا أن يجعل الامر فيه للوجوب ، ويحمل الوسط على ما قبل الزوال كما فعله بعضهم دون ثبوته خرط القتاد.
وقال صاحب الوافي في ذيل بيان موثقة اسحاق بن عمار قوله عليهالسلام « واذا رأيته وسط النهار » : يعني به قبل الزوال ، لانه اذا رآه بعد الزوال كان اليوم من الشهر الماضي ، كما يدل عليه صحيحة محمد بن قيس وغيرها من الاخبار ويشهد له الاعتبار ، وانما عبر عما قبل الزوال بالجزء الاخير لانه الفرد الا خفى المستلزم حكمه لاثبات الحكم في سائر الافراد بالطريق الاولى ، ومعنى اتمام صومه الى الليل أنه ان كان لم يفطر بعد نوى الصوم من شهر رمضان واعتد به ، وان كان قد أفطر أمسك بقية اليوم ثم قضاه (١).
أقول : ظاهره يفيد أنه لم يعتبر بيان الراوي على ما نقله الشيخ في التهذيب
__________________
(١) الوافى ١١ / ١٢١.