الكل من حيث هو كل ، ولا معنى لإبطاله عن العمل الا هذا.
وبالجملة كما أن رفع حكمه عن كل الأفراد إلغاء له بالكلية ، كذلك رفع حكمه عن البعض إلغاء له في الجملة. وأما اعماله في البعض ، فليس هو مما يقتضيه هو من حيث هو.
بل لا يبعد أن يقال : هذا من مقتضيات الخاص ، حيث عارض العام وخصه عن عمومه وحقيقته التي هي شمول الكل بما هو كل ، فهذا في الحقيقة عام مخصوص مرفوع عن حقيقته مصروف عن صرافته ، حيث أخرج عنه بعض أفراده ورفع عنه حكمه ، فتأمل فيه.
فان قلت : فما تقول فيما نقله قدسسره في متن زبدة الأصول عن الشيخ الطوسي وأتباعه ، أنهم لم يجوزوا تخصيص الكتاب بخبر الواحد.
ثم قال في الحاشية : وقد اعترض ـ أي الشيخ ـ على نفسه في كتاب العدة بأنك إذا أجزت العمل بالأخبار التي يختص بنقلها الطائفة المحقة ، فهلا أجزت العمل بها في تخصيصك عموم الكتاب؟
وأجاب طاب ثراه بأنه قد ورد عنهم عليهمالسلام ما لا خلاف فيه من قولهم : إذا جاءكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله ، فإذا وافق كتاب الله فخذوه ، وان خالفه فردوه واضربوا به عرض الحائط انتهى كلامه.
ثم قال فان قلت : كلامه منقوض بتخصيص الكتاب بالخبر المتواتر ، فقد جوزه طاب ثراه ، قلت : ذاك مما انعقد عليه الإجماع بخلاف هذا.
فان قلت : لا مخالفة بين العام والخاص ، وانما تتحقق لو رفع الحكم عن كل أفراد العام.
قلت : رفع الحكم عن البعض مخالف لإثباته للكل. وأيضا فالقصر على البعض معنى مجازي للعام مخالف لمعناه الحقيقي الذي هو شمول الكل.