المؤمنين عليهالسلام ، وقد اعتقلته جلاوزة ابن زياد ، وجاءت به مخفوراً إليه ، فلمّا مثل عنده صاح به الباغي الأثيم : ما قال لك خليلك ـ يعني الإمام عليّاً ـ إنّا فاعلون بك ؟
فأجابه بصدق وإيمان غير حافل به : تقطعون يدي ورجلي وتصلبونني .
فأراد الخبيث الدنس أن يكذّب الإمام ، فقال : أما والله لاُكذّبنّ حديثه ، خلّوا سبيله .
فخلّت الجلاوزة سبيله ، لكنّه لم يلبث إلّا قليلاً حتّى ندم على ذلك ، فأمر ، بإحضاره ، فلمّا مثل عنده صاح به : لا نجد شيئاً أصلح ممّا قال صاحبك ، إنّك لا تزال تبغي لنا سوءاً إن بقيت ، اقطعوا يديه ورجليه .
وبادرت الجلاوزة فقطعت يديه ورجليه ، ولم يحفل هذا العملاق العظيم بما كان يعانيه من الآلام ، وراح يذكر مساوئ بني اُميّة وجورهم ، ويحفّز الجماهير على الثورة عليهم ، وأسرعت الجلاوزة إلى زياد فأخبروه بالأمر ، فأمر بقطع لسانه ، فقطع وتوفّي في الحال هذا المجاهد العظيم (١) الذي نافح عن عقيدته وولائه لأهل البيت حتّى النفس الأخير من حياته .
هؤلاء بعض أعلام الإسلام الذين صفّاهم ابن هند جسديّاً لأنّهم كانوا ينشرون القيم الإسلاميّة ، ويذيعون بين الناس فضائل أهل البيت عليهمالسلام الذين هم مصدر الوعي والفكر في الإسلام .
ولمّا استتبّ الأمر إلى معاوية سخّر جميع أجهزة دولته ووسائل إعلامه لمناهضة أهل البيت الذين هم وديعة رسول الله صلىاللهعليهوآله في اُمّته ، والعصب الحسّاس في هذه
__________________________
(١) سفينة البحار : ١ : ٥٢٢ .