أشرف على الكوفة غيّر ملابسه ، ولبس ثياباً يمانيّة ، وعمامة سوداء ليوهم على الكوفيّين أنّه الإمام الحسين عليهالسلام ، وقد اعتقدوا بذلك ، فأحاطوا به مرحّبين بقدومه ، وهاتفين بحياته ، فاستاء ابن زياد من ذلك أشدّ ما يكون الاستياء ، وأسرع في سيره مخافة أن ينكشف أمره فيُقتل .
ولمّا انتهى إلى قصر الإمارة ، وجد الباب مغلقاً فطرقه ، فأشرف عليه النعمان ، وقد توهّم أنّه الإمام الحسين عليهالسلام ، فانبرى يخاطبه بلطف هاتفاً : « ما أنا بمؤدّ إليك أمانتي يا بن رسول الله ، وما لي في قتالك من إرب » .
فصاح به ابن مرجانة : افتح لا فتحت ، فقد طال ليلك .
وعرّفه بعض مَن كان خلفه فصاح بالجماهير : إنّه ابن مرجانة ، وربّ الكعبة .
وكان ذلك الصاعقة على رؤوسهم ، فولّوا منهزمين إلى دورهم ، وقد ملئت قلوبهم خوفاً ورعباً ، وبادر الطاغية نحو القصر فاستولى على المال والسلاح ، وأحاط به عملاء الأمويّين أمثال عمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، ومحمّد بن الأشعث ، وغيرهم من وجوه الكوفة فجعلوا يحدّثونه عن الثورة ، ويعرّفونه بأعضائها البارزين ، ويضعون معه المخطّطات الرهيبة للقضاء عليها .
ولمّا أصبح الصبح جمع ابن مرجانة الناس في المسجد الأعظم ، فأعلمهم بولايته على مصرهم ، ومنّى أهل الطاعة بالصلة ، وأهل المعصية بالعقاب الصارم ، ثمّ عمد إلى نشر الخوف والارهاب بين الناس ، وقد أمسك جماعة لم يجر معهم أي تحقيق فأمر بإعدامهم ، وملأ السجون بالمعتقلين ، واتّخذ من ذلك وسيلة للسيطرة على البلاد .
ولمّا علم مسلم بقدوم
ابن مرجانة ، وما قام به من الأعمال الارهابيّة تحوّل من دار المختار إلى دار الزعيم الكبير هانئ بن عروة ، وهو سيّد الكوفة ، وزعيمها المطاع ،
وقد عرف بالولاء والمودّة لأهل البيت عليهمالسلام ، وقد استقبله هانئ بحفاوة وتكريم ،