ونجاة لأنفسهم ، كما دعاهم إلى مناصرة أهل البيت عليهمالسلام روّاد الشرف والفضيلة ، ودعاة العدل الاجتماعي في الإسلام ، وهم أوْلى وأحقّ بولاية اُمور المسلمين من بني اُميّة الذين حكموا فيهم بغير ما أنزل الله ، وإذا لم يستجيبوا لذلك ، وتبدّلت نيّاتهم ، فإنّه ينصرف عنهم إلى المكان الذي جاء منه .
وانبرى إليه الحرّ ، وكان لا يعلم بشأن الكتب التي بعثتها جماهير أهل الكوفة إلى الإمام ، فقال له : ما هذه الكتب التي تذكرها ؟
فأمر الإمام عقبة بن سمعان بإحضارها ، فأخرج خرجين مملوئين صحفاً ، فنشرها بين يدي الحرّ ، فبهر منها ، وجعل يتأمّل فيها ، وقال للإمام : لسنا من هؤلاء الذين كتبوا إليك .
ورام الإمام أن ينصرف إلى المكان الذي جاء منه ، فمنعه الحرّ ، وقال له : إنّي لا اُفارقك إذا لقيتك حتّى اُقدمك الكوفة على ابن زياد .
ولذعت الإمام هذه الكلمات القاسية ، فثار في وجه الحرّ ، وصاح به : الْمَوْتُ أَدْنَى إِلَيْكَ مِن ذَلِكَ .
وأمر الإمام أصحابه بالركوب ، فلمّا استووا على رواحلهم أمرهم بالتوجّه إلى يثرب ، فحال الحرّ بينهم وبين ذلك ، فصاح به الحسين : ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ ما تُرِيدُ ؟
وأطرق الحرّ برأسه إلى الأرض وتأمّل ، ثمّ رفع رأسه إلى الامام وقال له بأدب : ولكن والله ما لي إلى ذكر اُمّك من سبيل إلّا بأحسن ما يقدر عليه .
وسكن غضب الإمام ، وأعاد عليه القول : ما تُرِيدُ مِنَّا ؟
ـ اُريد أن أنطلق بك إلى ابن زياد .
ـ وَاللهِ لَا أَتَّبِعُكَ .
ـ إذن والله لا أدعك .