« يا بن رسول الله ، لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك ، وتقطّع فيك أعضاؤنا ، ثمّ يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة » (١) .
ولا يوجد في البشريّة مثل هذا الإيمان الخالص ، لقد أيقن أن نصرته لابن رسول الله صلىاللهعليهوآله فضل ومنّة من الله عليه ليفوز بشفاعة جدّه الأعظم يوم يلقى الله .
وانبرى بطل آخر من أصحاب الإمام ، وهو نافع (٢) فأعلن نفس المصير الذي اختاره الأبطال من أصحابه ، فقال : « أنت تعلم أنّ جدّك رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقدر أن يشرب الناس محبته ، ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحب ، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ، ويضمرون له الغدر ، يلقونه بأحلىٰ من العسل ويخلفونه بأمرّ من الحنظل ، حتّىٰ قبضه الله إليه ، وإنّ أباك عليّاً كان في مثل ذلك ، فقوم قد أجمعوا علىٰ نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين حتّىٰ أتاه أجله فمضى إلى رحمة الله ورضوانه ، وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة ، فمن نكث عهده ، وخلع بيعته فلن يضرّ إلّا نفسه ، والله مغنٍ عنه ، فسر بنا راشداً معافىً مشرِّقاً إن شئت وإن شئت مغرِّباً ، فوالله ما أشفقنا من قدر الله ، ولا كرهنا لقاء ربنا ، وإنّا علىٰ نيّاتنا وبصائرنا نوالي من والاك ونعادي من عاداك » (٣) .
__________________________
= تاج العروس : ٣ : ١٨٣ .
ذكر علماء السير : أنّ الرجل كان شجاعاً تابعيّاً ناسكاً قارئاً للقرآن ، من شيوخ القرّاء ، ومن أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيّين ، وله كتاب القضايا والأحكام يرويه عن أمير المؤمنين وعن الحسن عليهماالسلام ، وكتابه من الاُصول المعتبرة عند الأصحاب . تنقيح المقال / المامقاني : ١ : ١٦٧ .
(١) اللهوف : ٤٨ . بحار الأنوار : ٤٤: ٣٨١ : ٣٨٣ . عوالم العلوم : ١٧ : ٢٣٢ .
(٢) وهو نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة المذحجي الجملي . إبصار العين : ١١٤ .
(٣) بحار الأنوار : ٤٤ : ٣٨٢ ـ ٣٨٣ . عوالم العلوم : ١٧ : ٢٣٣ .