وتقبل منك يا حمار .
وحمل عليه الحصين ، فسارع إليه حبيب فضرب وجه فرسه بالسيف فشبّت به الفرس فسقط عنها ، وبادر إليه أصحابه فاستنقذوه (١) .
واستجاب أعداء الله ـ مكيدة ـ لطلب الإمام فسمحوا له أن يؤدّي فريضة الصلاة ، وانبرى الإمام للصلاة ، وتقدّم أمامه سعيد بن عبد الله الحنفي يقيه بنفسه السهام والرماح واغتنم أعداء الله انشغال الإمام وأصحابه بالصلاة ، فراحوا يرشقونهم بسهامهم وكان سعيد الحنفي يبادر نحو السهام فيتّقيها بصدره ونحره ، ووقف ثابتاً كالجبل لم تزحزحه السهام ، ولا الرماح والحجارة التي اتّخدته هدفاً لها ، ولم يكد يفرغ الإمام من صلاته حتّى اُثخن سعيد بالجراح ، فهوى إلى الأرض يتخبّط بدمه ، وهو يقول : « اللّهمّ العنهم لعن عاد وثمود ، وأبلغ نبيك مني السلام ، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإنّي أردت بذلك ثوابك ونصرة ذريّة نبيّك » .
والتفت إلى الإمام قائلاً له بصدق وإخلاص : أوفيت يا بن رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟
فأجابه عليهالسلام شاكراً له : نَعَمْ ، أَنْتَ أَمامِي فِي الْجَنَّةِ .
وملئت نفسه فرحاً حينما سمع قول الإمام ، ثمّ فاضت نفسه العظيمة إلى بارئها ، فقد اُصيب بثلاثة عشر سهماً عدا الضرب والطعن (٢) .
وكان هذا منتهى ما وصل إليه الوفاء والإيمان والولاء للحقّ .
__________________________
(١) تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٣٥ . الكامل في التاريخ : ٣ : ٢٩١ .
(٢) اللهوف : ٦٦ . إبصار العين : ١٦٥ ـ ١٦٧ . أنساب الأشراف : ٣ : ٤٠٣ .
وفي تاريخ الاُمم والملوك : ٤ : ٣٣٧ . ومقتل الحسين عليهالسلام / الخوارزمي : ٢ : ١٧ : « أنّه أبو ثمانة الصائدي » .