وهو ربيعة بن مكرم ، فقد قام بحماية ظعنه ، وأبلى في ذلك بلاءً حسناً (١) .
__________________________
(١) جاء في العقد الفريد ٣ / ٣٣١ : « أنّ دريد بن الصمّة خرج ومعه جماعة من فرسان بني جشم حتّى إذا كانوا في وادٍ لبني كنانة يقال له الأخرم ، وهم يريدون الغارة على بني كنانة ، فرأوا رجلاً معه ظعينة في ناحية الوادي ، فقال دريد لفارس من أصحابه : امض واستول على الظعينة ، وانتهى الفارس إلى الرجل فصاح به : خلّ عن الظعينة وانج بنفسك ، فألقى زمام الناقة ، وقال للظعينة :
سِيري عَلىٰ رِسْلِكِ سَيرَ الآمِنِ |
|
سَيرَ دَراجٍ ذاتَ جأْشٍ طامِنِ |
إِنَّ التَّأَنّي دونَ قَرْني شائِني |
|
اُبْلى بَلائي فَاخْبِري وَعايِني |
ثمّ حمل على الرجل فصرعه ، وأخذ فرسه وأعطاها للظعينة ، وبعث دريد فارساً آخر لينظر ما صنع صاحبه فلمّا انتهى إليه رآه صريعاً ، فصاح بالرجل فألقى زمام الظعينة ، فلمّا انتهى إليه حمل عليه وهو يقول :
خَلَّ سَبيلَ الحُرَّةِ المَنيعَة |
|
إِنَّكَ لاقٍ دونَها رَبيعَة |
في كَفِّهِ خَطِّيَّةٌ مَنيعَة |
|
أَوْ لا فَخُذْها طَعْنَةً سَريعَة |
وحمل عليه فصرعه ، ولمّا أبطأ بعث دريد فارساً آخر لينظر ما صنع الرجلان ، ولمّا انتهى إليهما وجدهما صريعين ، والرجل يجرّ رمحه ، فلمّا نظر إليه قال للظعينة : اقصدي قصد البيوت ، ثمّ أقبل عليه وقال :
ماذا ترىٰ مِنْ شَيْئَمٍ عابِسٍ |
|
أَما تَرى الفارِسَ بَعدَ الفارِسِ |
|
أَرْداهُما عامِلُ رُمْحٍ يابِسٍ |
|
ثمّ حمل عليه فصرعه ، وانكسر رمحه .
وارتاب دريد في أمر جماعته وظنّ أنّهم أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل فلحقهم ، وقد دنا ربيعة من الحيّ ، فوجدهم دريد قد قتلوا جميعاً ، فقال لربيعة : إنّ مثلك لا يقتل ، ولا أرى معك رمحك ، والخيل ثائرة بأصحابها ، فدونك هذا الرمح ، فإنّي منصرف عنك إلى أصحابي ، ومثبّطهم عنك .
فانصرف إلى أصحابه وقال لهم : إنّ فارس الظعينة قد حماها ، وقتل أصحابكم ، وانتزع رمحي ، فلا مطمع لكم فيه ، فانصرف القوم .
=