ورافق أبو الفضل العبّاس عليهالسلام منذ نعومة أظفاره كثيراً من الأحداث الجسام التي لم تكن ساذجة ، ولا سطحيّة ، وإنّما كانت عميقة أشدّ ما يكون العمق ، فقد أحدثت اضطراباً شاملاً في الحياة الفكريّة والعقائديّة بين المسلمين ، كما استهدفت بصورة دقيقة إبعاد أهل البيت عليهمالسلام عن المراكز السياسيّة في البلاد ، وإخضاعهم لرغبات السلطة ، وما تعمله على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي ، من أعمال لا تتّفق في كثير من بنودها مع التشريع الإسلامي ، وقد تجلّى ذلك بوضوح أيّام حكومة عثمان وما سلكته من التصرّفات في المجالات الإداريّة .
فقد عمدت إلى منح مناصب الدولة ، وسائر الوظائف العامّة إلى بني اُميّة وآل أبي معيط ، وحرمان بني هاشم ومن يتّصل بهم من أبناء الصحابة من أي منصب من المناصب العامّة ، وقد استولى الأمويّون على جميع أجهزة الدولة ، وراحوا يعملون ـ عامدين أو غير عامدين ـ إلى خلق الأزمات الحادّة بين المسلمين .
ومن المقطوع به أنّه لم تكن لأكثرهم أيّة نزعة إسلاميّة ، كما لم تكن لهم أيّة دراية بأحكام القانون الإسلامي ، وما تتطلّب إليه الشريعة الإسلاميّة من إيجاد مجتمع إسلامي متطوّر قائم على المودّة والتعاون ، وبعيد كلّ البعد عن التأخّر .
لقد أشاعت حكومة
عثمان الرأسماليّة في البلاد ، فقد منحت الأمويّين وبعض أبناء القرشيّين الامتيازات الخاصّة ، وفتحت لهم الطريق لكسب الأموال وتكديسها بغير وجه مشروع ، وقد أدّت هذه السياسة الملتوية إلى خلق اضطراب شامل