في صحة حج من وقف به ، وليس كذلك من لم يقف ، وأيضا قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) (١). وظاهر الأمر يقتضي الوجوب ، ولا يصح الذكر فيه إلا بعد الكون به ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، وأيضا فعل (٢) النبي عليهالسلام يدل على ذلك ، لأنه لا خلاف أنه وقف به ، وقد قال عليهالسلام : خذوا عني مناسككم (٣) ، وقد روي من طرق المخالف أنه عليهالسلام قال : من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له (٤) ، ويعارض المخالف بما قدمناه من روايتهم عنه عليهالسلام من قوله ، وهو بالمزدلفة :
من وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه (٥) لأنه يدل على أن تمام الحج يتعلق بالوقوف بالموقفين ، وقد قدمنا الجواب عن روايتهم عنه عليهالسلام : من وقف بعرفة فقد تم حجه (٦) ، وقوله : الحج عرفة. (٧)
والواجب في الوقوف النية ومقارنتها واستدامة حكمها ، وأن لا يرتفع الواقف إلى الجبل إلا لضرورة من ضيق أو غيره ، بدليل الإجماع المشار إليه ، والدعاء بأقل ما يسمى به المرء داعيا عند بعض أصحابنا (٨) والاحتياط يقتضي
__________________
(١) البقرة : ١٩٨.
(٢) في «س» : ففعل.
(٣) سنن البيهقي : ٥ ـ ١٢٥ والبحر الزخار : ٢ ـ ٣٣٨ و ٣٤٦ ، مسند أحمد بن حنبل ٣ ـ ٣١٨ وعوالي اللئالي : ١ ـ ٢١٥ و : ٤ ـ ٣٦.
(٤) سنن الدار قطني : ٢ ـ ٢٤١ برقم ٢١ و ٢٢ ولفظ الحديث «من فاته عرفات فقد فاته الحج» وعوالي اللئالي ١ ـ ٢١٥ ونقله في الخلاف كتاب الحج المسألة ١٦١ كما في المتن.
(٥) جامع الأصول لابن الأثير : ٤ ـ ٦٨.
(٦) جامع الأصول : ٣ ـ ٦٩ وسنن البيهقي : ٥ ـ ١١٦.
(٧) جامع الأصول : ٤ ـ ٦٨ وسنن البيهقي : ٥ ـ ١٧٣ ، والمستدرك على الصحيحين ٢ ـ ٢٧٨.
(٨) الحلبي : إشارة السبق : ١٣٥.