في المخاصمة عليه ، لم يلزمه إقراره ، لأن الأصل براءة الذمة ، وعلى من ألزمه ذلك بإقرار الوكيل الدليل ، فإن أذن له في الإقرار عنه لزمه ما يقر به ، لأن الأصل جواز ذلك ، والمنع يفتقر إلى دليل ، وقوله عليهالسلام : المؤمنون عند شروطهم (١) ، يدل عليه.
والوكيل مؤتمن لا ضمان عليه إلا أن يتعدى.
ومطلق الوكالة بالبيع أن يبيع بثمن المثل من نقد البلد حالا ، فإن خالف لم يصح البيع ، لأنه لا خلاف في صحته مع حصول ما ذكرناه ، وليس على صحته إذا لم يحصل دليل ، وإذا اشترى الوكيل وقع الملك للموكل من غير أن يدخل في ملك الوكيل ، ولهذا لو وكله على شراء من يعتق عليه فاشتراه لم ينعتق.
والوكالة عقد جائز من كلا الطرفين ، يجوز لكل واحد منهما فسخه ، فإذا فسخه الوكيل وعزل نفسه انفسخ ـ سواء كان موكله حاضرا أو غائبا ـ ولم يجز له بعد ذلك التصرف فيما وكل فيه.
ومتى أراد الموكل فسخه وعزل الوكيل ، افتقر ذلك إلى إعلامه إن أمكن ، فإن لم يمكن فليشهد به ، وإذا فعل ذلك انعزل الوكيل ، ولم ينفذ بعده شيء من تصرفه ، وإن اقتصر على عزله من غير إشهاد ، أو على الإشهاد من غير إعلام ـ وهو متمكن ـ لم ينعزل ، ونفذ تصرفه إلى أن يعلم.
فإن اختلفا في الإعلام ، فعلى الموكل البينة به ، فإن فقدت فعلى الوكيل اليمين أنه ما علم بعزله ، فإن حلف مضى ما فعله ، وإن نكل عن اليمين ، بطلت وكالته من وقت قيام البينة بعزله ، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
وتنفسخ الوكالة بموت الموكل ، أو عتقه للعبد الذي وكل في بيعه ، أو بيعه له قبل بيع الوكيل ، بلا خلاف.
__________________
(١) بداية المجتهد : ٢ ـ ٢٩٦ والبحر الزخار : ٥ ـ ٧٦ باب الضمان وسنن البيهقي : ٦ ـ ٧٩ و ٧ ـ ٢٤٩ وكنز العمال : ٤ ـ ٣٦٣ برقم ١٠٩١٨ و ١٠٩١٩ ولفظ الحديث في بعض المصادر : المسلمون ... والتهذيب : ٧ ـ ٣٧١ برقم ١٥٠٣ كما في المتن.