حيث يكون النسل ، لا يعول على مثله ، لأنه لا يمتنع تسميتهن بذلك ، مع إباحة وطئهن فيما لا يكون منه الولد ، لأنه (١) لا خلاف في جواز وطئهن فيما عدا القبل والدبر ، لأنه لو صرح بأن قال : فأتوا حرثكم أنى شئتم ، من قبل ودبر لحسن ولما (٢) كان متنافيا ، ولو كان ذكر الحرث يمنع من الوطء في الدبر ، لتنافى ذلك ولم يحسن التصريح به.
ومن يقول : إن المراد بالآية إباحة وطء المرأة في قبلها من جهة دبرها ، خلافا لما يكرهه اليهود ، مخصص للظاهر (٣) من غير دليل ، ولو صح نزول الآية على هذا السبب ، لم يجز (٤) أكثر من مطابقتها له ، فأما منع تعديها إلى غيره مما يقتضيه ظاهرها فلا يجب.
وقد حكى الطحاوي (٥) عن الشافعي أنه قال : ما صح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في تحريم ذلك ولا تحليله شيء ، والقياس أنه مباح (٦) ، وحكى عن مالك أنه قال : ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك في أن وطء المرأة في دبرها حلال ، وتلا الآية ، وروى مالك (٧) ذلك عن نافع عن ابن عمر. (٨)
__________________
(١) في «ج» و «س» : بدليل انه.
(٢) في «س» : لحسن منه ولما.
(٣) في الأصل : «مخصص لظاهر» وراجع في توضيح مقالة اليهود إلى المجمع : ١ ـ ٣٢٠ وسنن البيهقي : ٧ ـ ١٩٥.
(٤) في «ج» : لم يجب.
(٥) أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ـ النسبة إلى «طحا» ، وهي قرية بأسفل أرض مصر من الصعيد يعمل فيها كيزان ، يقال لها : الطحوية ـ مات ٣٢١ ه. لاحظ الأنساب ، للسمعاني : ٤ ـ ٥٢ وكشف الظنون : ١ ـ ٣٢.
(٦) الدر المنثور : ١ ـ ٦٣٨ في ذيل الآية ٢٢٣ من سورة البقرة ، ونيل الأوطار : ٦ ـ ٢٠١.
(٧) هو مالك بن انس بن مالك بن ابي عامر ، الأصبحي الحميري ، أبو عبد الله المدني ، روى عن عامر بن عبد الله بن الزبير وزيد بن أسلم ، ونافع مولى ابن عمر وحميد الطويل وغيرهم ، وروى عنه الزهري ويحيى بن سعيد ويزيد بن عبد الله وغيرهم ، مات ٧٩ تهذيب التهذيب : ١٠ ـ ٥.
(٨) الدر المنثور : ١ ـ ٦٣٨ في ذيل الآية ٢٢٣ من سورة البقرة وروح المعاني : ٢ ـ ١٢٤ في تفسير الآية.