ولا تجبر الحرة على رضاع ولدها ، وتستحق أجرة على أبيه ، فإن كان قد مات استحقته من مال الولد ، وهي أحق برضاعه ، إلا أن تطلب من الأجر برضاعه (١) ، أكثر مما قد رضى به غيرها.
والمطلقة أحق بالذكر من الأب مدة الرضاع ، وبعدها الأب أحق به ، فإن كان أنثى ، فالأم أحق بها إلى سبع سنين ، إلا أن تتزوج ، فيكون الأب أحق على كل حال ، كل ذلك بدليل إجماع الطائفة.
واعلم أن أقل الحمل ستة أشهر ، لقوله تعالى (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) (٢) وقوله (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) (٣) ، وأكثره في غالب العادة تسعة أشهر ، بلا خلاف ، وينضاف إلى ذلك أشهر الريب ، وهي ثلاثة أشهر ، وهي أكثر أيام الطهر بين الحيضتين ، فتصير أكثر مدة الحمل سنة ، بدليل إجماع الطائفة ، ولأن ما ذهبنا إليه من أكثر مدة الحمل مجمع عليه ، وليس على قول من ذهب إلى أن أكثره سنتان ، أو أربع ، أو سبع ، دليل. (٤)
وعلى ما ذكرناه إذا طلق الرجل زوجته ، أو مات عنها ، فتزوجت ، وجاءت بولد لستة أشهر فصاعدا ، من يوم دخل الثاني بها ، فهو لاحق به ، وإن أتت به لأقل من ستة أشهر ، لحق بالأول إن كان مدة طلاقها أو الوفاة عنها سنة فما دونها ، وإن كان مدة ذلك أكثر من سنة لم يلحق به ، ولا يحل للرجل الاعتراف بالولد في الموضع الذي قلنا إنه لا يلحق به فيه.
__________________
(١) في (س) وحاشية الأصل : برضاعته.
(٢) الأحقاف : ١٥.
(٣) البقرة : ٢٣٣.
(٤) قال السيد المرتضى ـ قدسسره ـ في الانتصار ص ١٥٤ : ومما انفردت به الإمامية القول : بأن أكثر مدة الحمل سنة واحدة ، وخالف باقي الفقهاء في ذلك ، فقال الشافعي : أكثر الحمل أربع سنين ، وقال الزهري والليث وربيعة : أكثره سبع سنين ، وقال أبو حنيفة : أكثره سنتان. وعن مالك فيه ثلاث روايات : إحداها مثل قول الشافعي أربع سنين ، والثانية خمس سنين ، والثالثة سبع سنين.