فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) (١) الآية ، لأن ظاهرها يقتضي أن الطائفة الثانية تصلي مع الإمام جميع صلاتها ، وعلى مذهب أبي حنيفة المخالف فيما ذكرناه يصلي معه النصف ، فقد خالف الظاهر ، ولأنه تعالى قال (فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ) (٢) ، فظاهر هذا يقتضي أن يكون المراد سجود الطائفة الأولى في الركعة الثانية ، لأنه أضاف السجود إليهم.
والصلاة التي يشترك فيها الإمام والمأموم تضاف إلى الإمام أو إلى الإمام والمأموم ، ولا تضاف إلى المأموم وحده لأنه تابع ، ويشهد بصحة ما قلناه ، أن فيه تسوية بين الفرقتين من وجهين : أحدهما أن الإمام يحرم بالفرقة الأولى ويسلم بالثانية ، فيحصل للأولى فضيلة الإحرام ، وللثانية فضيلة التحليل ، وعلى قول المخالف يحرم بالأولى ولا يسلم بالثانية.
والوجه الثاني أن الفرقة الأولى حين صلت مع الإمام ، حرستها الثانية وليست في الصلاة ، وعلى قولنا : تحرس الأولى أيضا وليست في الصلاة للثانية وهي في الصلاة فتساوتا في حال الحراسة.
وعلى قول المخالف تنصرف الأولى فتقف في وجه العدو ، ولا تنقطع بذلك صلاتهم ، فتقع حراستهم وهم في الصلاة ، ويشهد بفساد قول المخالف أن الصلاة التي ذهب إليها تشتمل على أمور يبطل بمثلها الصلاة ، من المشي الكثير ، واستدبار القبلة ، والانتظار الكثير ، وقد روي من طرق المخالف أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلى صلاة الخوف على الترتيب الذي ذكرناه (٣) وذلك مما يحتج عليهم.
فإن كانت الصلاة المغرب صلى الإمام بالطائفة الأولى ركعة إن شاء أو ركعتين ، وبالثانية ما بقي ، فإن خافوا العدو بالانقسام ، صلوا على ظهور خيلهم
__________________
(١) النساء : ١٠٢.
(٢) النساء : ١٠٢.
(٣) لاحظ سنن البيهقي : ٣ ـ ٢٦١ وسنن الدار قطني : ٢ ـ ٥٩.