وإن رجع إلى الحاكم أو عيّن الفقير وأعطاه فالأمر أوضح.
احتجّوا بالإطلاقات ، مثل قوله عليهالسلام في صحيحة الحلبيّ : «فيما سقت السماء والأنهار إذا كان سيحاً أو كان بعلاً العشر ، وما سقت السواني أو الدوالي أو يسقى بالغرب فنصف العشر» (١).
وفيه أولاً : منع الإطلاق والعموم بالنسبة إلى جميع شؤون المطلق والعام ، فإنّ الظاهر في تلك الأخبار ملاحظة أفراد الصنفين ممّا فيه العشر ونصف العشر ، يعني في كلّ نصاب يندرج تحت هذا القسم العشر ، وفي كلّ نصاب يندرج تحت الأخر نصف العشر ، لا ملاحظة جميع أجزاء كلّ منهما ، وليس في الأخبار ما يدلّ على أنّ في كلّ ما سقت السماء عشر جميعه ، وكما يحتمل كون اللام في العشر عوض الإضافة يحتمل كونها للعشر المعهود ، وهو ما يُؤدّى بعد وضع المؤن. سلّمنا ، لكنّها مخصّصة بما ذكرنا من الأدلّة.
ومن العجائب : أنّ الشيخ ادّعى إجماع العلماء كافّةً إلا عطاء من العامّة على عدم إخراج شيء سوى خراج السلطان (٢) ، والظاهر أنّه وهم بعد ملاحظة الشهرة بين القدماء والمتأخّرين ، حتّى هو أفتى في النهاية موافقاً للمشهور (٣).
وكيف يستثني من إجماع العلماء كافّة عطاء من العامّة فقط مع تصريح شيخه المفيد في المقنعة (٤) والصدوق في الفقيه (٥) ولا يعتني بفتواهما أصلاً.
ولو فرض تسليم إمكان تحقّق هذا الإجماع في زمان عطاء ، واطّلاع الشيخ عليه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥١٣ ح ٣ ، الوسائل ٦ : ١٢٥ أبواب زكاة الغِت ب ٤ ح ٢ ، والسيح : الماء الجاري ، والبعل : ما سقته السماء ، والسواني : جمع سانية ، وهي البعير يستقى عليه من البئر ، والدوالي : جمع دالية وهي الدلو ، والغرب : الدلو العظيمة ، انظر المصباح المنير : ٢٩٩ ، ٥٥ ، ٢٩٢ ، ١٩٩ ، ٤٤٤.
(٢) المبسوط ١ : ٢١٧ ، الخلاف ٢ : ٦٧.
(٣) النهاية : ١٧٨.
(٤) المقنعة : ٢٣٩.
(٥) الفقيه ٢ : ١٨ ح ٥٩.