دون المفيد والصدوق ، والقول بأنّ خروجهما لا يضرّ ، فالظاهر أنّه إجماع انعقد على مُستند صدر من باب التقيّة ، لأنّه مذاهب الفقهاء الأربعة ، فلا اعتماد عليه أيضاً.
وأغرب من ذلك دعوى يحيى بن سعيد أيضاً الإجماع من غير عطاء أيضاً (١) ، فإنّ اشتهار الفتوى بإخراج المؤن بعد الشيخ في غاية الوضوح ، حتّى ابن إدريس لم ينقل الخلاف في المسألة (٢) ، والمتأخّرون عن الشيخ ، كالفاضلين (٣) وغيرهما (٤) لم يعتنوا بدعوى الشيخ الإجماع ، حتّى أنّ العلامة قال في التحرير بعد الفتوى بإخراج المؤن : وللشيخ رحمهالله هنا قول ضعيف (٥).
وبالجملة الظاهر أنّ مثل هذا الإجماع لا أصل له ، والإطلاقات مع غاية الكثرة إذا هجرها جلّ الأصحاب ، سيّما مع عدم ظهور خبرٍ صريح لمذهبهم ممّا يضعف التمسك بها جدّاً.
والحاصل أنّ الشهرة الكذائيّة مع ما ذكرنا من الأدلّة تكفي في ترجيح المشهور ، لكنّ الأحوط عدم وضع مئونة ما قبل تعلّق الوجوب ، وغاية الاحتياط عدم وضع شيء من المؤن.
ثمّ إنّ صاحب المدارك أيّد مختاره بالفرق الوارد في الأخبار وكلام الأصحاب بين ما سقي بالسيح والبعل والعذي ، وما سقي بالدوالي والسواني بالعشر ونصف العشر ، فإنّه لو كان وضع المؤن ثابتاً لما كان لهذا الفرق وجه ؛ لعدم التفاوت في المؤن بين القليلة والكثيرة (٦).
__________________
(١) الجامع للشرائع : ١٣٤.
(٢) السرائر ١ : ٤٤٨.
(٣) المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٤١ ، والشرائع ١ : ١٥٤ ، والمختصر النافع : ٥٧ ، والعِمة في المنتهي ١ : ٥٠٠ ، والتذكرة ٥ : ١٥٣.
(٤) كالشهيد في الدروس ١ : ٢٣٧.
(٥) التحرير ١ : ٦٣.
(٦) المدارك ٥ : ١٤٧.