وفيه نظر ؛ لأنّ التركة إذا كانت مستوعبةً للدين ولم تضق عنه ، وفُرض كون الثمرة زائدةً ، فهي ملك الورثة على القولين ؛ لاستحالة بقاء الملك بلا مالك ، فهو كشراء الثمرة قبل بلوغ وقت الوجوب بدون الشجرة كما مرّ ، فما وجه نفي الوجوب مطلقاً؟!
إلا أن يقال : إنّه على القول بكون المال للميّت فهو باقٍ عليه حتّى يؤدّي الدين ، ونماؤه تابع له ، ولا منافاة بين كون المال حينئذٍ زائداً على الدين وعدم انتقاله إلى ملك الوارث ؛ لاحتمال تلف بعضه قبل أداء الدين.
مع أنّ التحقيق في المسألة : أنّ المال باقٍ على ملك الميّت ، سواء كان الدين مستوعباً لأصل التركة في أوّل الأمر أو لا ، ولا ينتقل إلى الوارث إلا بعد أداء الدين ، وإن قلنا بجواز التصرّف فيه ، وقد حقّقنا ذلك في رسالة مفردة.
ولو مات بعد ظهور الثمرة وقبل وقت الوجوب ، وأنّ وقت الوجوب قبل أداء الدين ، فعلى القول الأوّل لا زكاة على أحدهما.
وعلى ما أوردنا من النظر فلا بدّ أن يقيّد ذلك أيضاً بما لو لم تحصل زيادة في العين والثمرة بحسب النماء أو السوق قبل زمان تعلّق الوجوب بحيث يصدق بلوغ النصاب منها في ملك الوارث حدّ الوجوب ، ويندفع بما ذكرناه أخيراً.
وعلى القول الثاني ، قال في المدارك : فيه أوجه ، ثالثها أنّه إن تمكّن من التصرّف في النصاب ولو بأداء الدين من غير الزكاة وجبت عليه ، وإلا فلا (١).
أقول : والوجه الثالث أوجهها ، والفرق بين هذا القسم وما قبله ، مع تساويهما في دخول وقت الوجوب في مال الوارث ، أنّ حقّ الديّان تعلّق بالثمرة في القسم الأخير ولو من باب جناية العبد ، فيكون ملك الوارث غير تامّ ، بخلاف القسم الأوّل.
ثمّ على القول بالوجوب ؛ فالأظهر أنّه لا يغرم العشر للديّان كما اختاره في
__________________
(١) المدارك ٥ : ١٥٤.