فلا عموم فيه ، فإنّ تأليف القلب لا بدّ أن يتعلّق إلى شيء ، وهو محتمل لأُمور ؛ إذ قد يتألّف القلب إلى المسلمين بأن يسلموا ويذهبوا إلى مذهبهم ، وقد يتألّف إلى نُصرتهم في الحرب مع بقائهم مصرّين على كفرهم.
والحرب قد تكون للدعاء إلى الإسلام ، وقد تكون للدفاع عنه ، وهكذا احتمال تأليف قلوب المسلمين الضعيف إسلامهم.
وإذا تعيّن فيثبت العموم في أفراد ذلك المتعيّن لا مطلقاً.
وإرادة أكثر من معنى واحد لا تجوز كما حُقّق في الأُصول ، هذا.
ولكن في الأخبار ما يدلّ على أنّ التأليف يتحقّق لأجل الإسلام والثبات عليه أيضاً ، مثل ما رواه عليّ بن إبراهيم في تفسيره : «إنّهم قوم وحّدوا الله ، وخلعوا عبادة من دون الله ، ولم تدخل المعرفة قلوبهم أنّ محمّداً رسول اللهُ ، فكان رسول اللهُ يتألّفهم ويعلّمهم ويعرّفهم كيما يعرفوا ، فجعل لهم نصيباً في الصدقات ؛ لكي يعرفوا ويرغبوا» (١).
وفي صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم في الكافي والفقيه : أنّهما قالا لأبي عبد الله عليهالسلام : أرأيت قول الله عزوجل (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ) أكُلّ هؤلاء يُعطى وإن كان لا يعرف؟ فقال : «إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً ؛ لأنّهم يقرّون له بالطاعة».
قال : زرارة ، قلت : فإن كانوا لا يعرفون؟ فقال : «يا زرارة لو كان يعطى من يعرف دون من لا يعرف لم تجد لها موضعاً ، وإنّما يعطى من لم يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه ، فأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلا من يعرف ، فمن وجدت من هؤلاء المسلمين عارفاً فأعطه دون الناس» ، ثمّ قال : «سهم المؤلّفة وسهم الرّقاب عامّ
__________________
(١) تفسير القميّ ١ : ٢٩٨ ، وأورده في التهذيب ٤ : ٤٩ ح ١٢٩ ، والوسائل ٦ : ١٤٥ أبواب المستحقّين للزكاة ب ١ ح ٧ عن العالم.