انفكاك كلّ منهما عن الأخر. فإذا كان رجل غارماً عاجزاً عن الأداء أو مكاتباً عاجزاً عن الوفاء فهو مستحقّ لسهم من الزكاة في هذا الحال ، لأجل دفع هذا الغرم ، لا أنّه مستحقّ له بشرط أن يرفع به هذا الغرم.
نعم : لو أخذه مع احتياجه من جهة الغرم لأجل صرفه في غيره فهو لا يجوز ، فلو أخذ المال على هذا الحال لأجل أنّه غريم ولأداء غرمه ، ثمّ أبرأه الغريم أو أعتقه المولى أو تطوّع متطوّع بالأداء ، فالحكم بوجوب الردّ وجواز ارتجاع المالك مشكل.
غاية الأمر أن يقال : المفهوم من ذكر المصرف لزوم الصرف فيه ما دام المصرف باقياً ، وبعد سقوط الغرم أو تبرّع المولى فلا يبقى المصرف حتّى يقال : يجب الصرف فيه لا غير ، والأصل عدم وجوب الردّ كما بيّنا.
وأبعد من ذلك : أن نقول بلزوم صرف عين ما يأخذه في تلك المصارف ، حتّى لا يجوز صرفه في نفقته وأداء الدين من ماله ، سيّما إذا كان ذلك أوفق لأداء الدين ، أو لا تجوز المعاملة به قبل أداء الدين إذا أمهله الغريم ليعامل به ، ويؤدّي بربحه دينه ، أو يؤدّي دينه من نتاجه لو كان حيواناً ويصرف أصل الحيوان في مصرف آخر ، وذلك كلّه مُستبعد.
فقول الشيخ بعدم الارتجاع قويّ (١) ، وتؤيّده إطلاقات بعض الأخبار أيضاً (٢).
ويؤيّد ذلك عدم الاحتكام على الفقير من أجل سهم الفقراء مطلقاً ، حتّى أنّه لو أخذ الفقير آلافاً كثيرة من الزكاة اليوم لأجل فقره وصار غداً مالكاً لآلاف كثيرة من أجل ميراث أو غيره لا يرتجع منه.
والّذي دعاهم إلى الفرق والخلاف في غيره هو تغيير أُسلوب الآية باللام ، ففهموا الملك والاختصاص ثمّة ، المقتضي للتصرّف على أيّ نحو شاءوا ، بخلاف مدخولات «في» ، فإنّ المراد بها الصرف في تلك المصارف الخاصّة.
__________________
(١) حكاه عنه المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٧٦ ، وانظر المبسوط ١ : ٢٥١.
(٢) الوسائل ٦ : ١٤٧ أبواب المستحقّين للزكاة ب ٢.