أو صريح الاستحباب.
وأمّا الأخبار ؛ فهي مع كثرتها لا دلالة فيها على الوجوب ، كما لا يخفى على من لاحظها (١) ، فهي محمولة على الاستحباب ، كما تدلّ عليه رواية معاوية بن شريح ، عن الصادق عليهالسلام : «في الزرع حقّان ، حقّ تؤخذ به ، وحقّ تعطيه ، أمّا الّذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر ، وأمّا الّذي تعطيه فقول الله عزوجل (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) يعني : من حضرك الشيء بعد الشيء» ولا أعلمه إلا قال : «الضغث بعد الضغث حتّى تفرغ» (٢).
وحسنة زرارة ومحمّد بن مسلم وأبي بصير أيضاً ظاهرة في ذلك (٣).
وأمّا الآية ؛ فقد أُجيب عنها بأنّ المراد منها الزّكاة ، فإنّ الظّاهر من قوله (وَآتُوا حَقَّهُ) إيجاب ما علم ثبوته ، لا إيجاب شيء بهذا اللّفظ.
ويخدشه (يَوْمَ حَصادِهِ) ، فيحتاج إلى تأويل الإيتاء بالعزم عليه حينئذٍ والاهتمام به ، وهو ليس بأولى من إخراج الإضافة عن ظاهرها الذي هو العهد ، سيّما مع قوله تعالى (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٤).
فإنّ الإسراف لا معنى له في المقدّر الذي هو الزكاة كما وردت الرواية بذلك ، وأشار إليه السيّد في الانتصار (٥).
وتشير إليه صحيحة البزنطي أيضاً ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : سألته عن قول الله عزوجل (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا) قال : «كان أبي يقول : من الإسراف في الحصاد والجذاذ أن يصّدّق الرجل بكفّيه جميعاً ، وكان أبي إذا حضر شيئاً من هذا ، فرأى أحداً
__________________
(١) لاحظ الوسائل ٦ : ١٣٤ أبواب زكاة الغِت ب ١٣.
(٢) الكافي ٣ : ٥٦٤ ح ١ ، الوسائل ٦ : ١٣٤ أبواب زكاة الغِت ب ١٣ ح ٢ ، وفيهما : حتّى يفرغ. ومعاوية بن شريح لم يثبت توثيقه (انظر معجم رجال الحديث رقم ١٢٤٤٨).
(٣) الكافي ٣ : ٥٦٥ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ١٠٦ ح ٣٠٣ ، الوسائل ٦ : ١٣٤ أبواب زكاة الغِت ب ١٣ ح ١. في قوله تعالى (وَآتُوا حَقَّهُ ...) قال أبو جعفر عليهالسلام : هذا من الصّدقة تعطي المسكين القبضة بعد القبضة ، ومن الجذاذ الحفنة بعد الحفنة.
(٤) الأنعام : ١٤١.
(٥) الانتصار : ٧٦.