مثل أنّه يريد اشتراء البستان ليقطع أشجاره ويزرع فيه.
فإن قيل : إنّ الأرض جزء للدار والبستان ، فيدلّ بيعهما على بيعها بالتضمّن والتبع.
قلنا : من يدّعي التبادر يدّعي أنّ المتبادر من اللفظ في الحديث الاشتراء بالاستقلال وقصداً بالذات ، لا بالتبع ، وإن كانت أجزاء المبيع داخلة فيه ضمناً.
وظاهر الرواية (١) وفتاوى الأكثرين (٢) ؛ الاختصاص بالاشتراء ، وهو مقتضى الأصل.
وألحق الشهيد مطلق الانتقال كالهبة وغيرها (٣) ، وهو مشكل.
وقد يقال : الأحوط أن يشترط الخمس في ضمن عقد الانتقال ، بل في البيع أيضاً ؛ ليندفع الإشكال بالمرة.
وذكر الشهيدان رحمهماالله أنّ الإمام أو الحاكم يتخيّر بين أخذ خمس العين أو خمس الانتفاع (٤).
ولعلّ المراد أنّه ليس للذميّ أن يمتنع من العين ويقبل الانتفاع ، وللإمام أن يلزمه بإعطاء العين وأن يقبل الانتفاع لو رضي به الذمّي ، لا أنّ له إلزامه بالانتفاع إذ لم يدلّ الحديث إلا على تعلق الخمس بالعين.
وهنا احتمال ضعيف ، وهو أن يكون تمام الأرض للذميّ وعليه خمس منافعها ، كما في قولهم : من زرع الأرض الفلانية فعليه العشر ، ولا يستفاد من الرواية (ولعلّ وجهه قابليّة الحديث لكليهما) (٥).
وأمّا أخذ قيمة العين فلا دليل عليه ، إلا أن يرى الحاكم الصلاح فيه إذا رضي به
__________________
(١) مرّت في ص ٣٣٣ ، وفيها : أيّما ذمّي اشترى من مسلم أرضاً فإنّ عليه الخمس.
(٢) كالشيخ في النهاية : ١٩٧ ، والمبسوط ١ : ٢٣٧ ، والقاضي في المهذّب ١ : ١٧٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٣٧ ، وابن إدريس في السرائر ١ : ٤٨٨ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٦٣ ، والعلّامة في المنتهي ١ : ٥٤٩ ، والتذكرة ٥ : ٤٢٢.
(٣) البيان : ٣٤٦.
(٤) البيان : ٣٤٦ ، المسالك ١ : ٤٦٦ ، حاشية الإرشاد للشهيد الثاني ١ : ٢٨٩.
(٥) ما بين القوسين ليس في «م».