رأيت فى الحجرة مضاءة محمدا يذاكر ، حيث (مضاءة) حال من المجرور (الحجرة) ، والجملة الفعلية (يذاكر) حال من المفعول به (محمدا) ، والحالان مشتركتان فى حدث واحد.
ح ـ الحال من المبتدإ :
اختلف النحاة فيما بينهم فى جواز مجىء الحال من المبتدإ ، ففى قوله تعالى :
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) [الأحقاف : ١٢]. نجد أن (إماما ورحمة) حالان منصوبتان ، ولا جدال فى أنهما حالان من (كتاب) ، لكن بحث النحاة عن العامل فى الحالين يجعل صاحبهما ضميرا يعود على الكتاب ، حيث يقدرون العامل ما عمل فى شبه الجملة (من قبله) ، وهنا إن عدّ استقرارا التبس الفاعل بالمبتدإ ، فيكون التقدير : واستقر من قبله كتاب موسى إماما ورحمة ، وإن قدّر بـ (كان) فيكون التقدير : وكتاب موسى كان من قبل القرآن فى حال كونه إماما (١).
وفى كلّ تقدير تكون الحالان من ضمير (كتاب موسى) ، ولا يوجد أمامنا إلا (كتاب موسى) دون ضميره ، فالحالان الظاهرتان من المبتدإ الظاهر الموجود.
ومثله قوله تعالى : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) [غافر : ١٨]. حيث (كاظمين) حال منصوبة من القلوب ، وجمعت جمع مذكر سالما ؛ لأنه لما أسند إليها ما أسند إلى العقلاء جمعت جمعهم (٢) ، لكن اختلافهم فى صاحب الحال ينحصر فى كونه :
ـ الضمير المستكن فى العامل المحذوف فى شبه الجملة الخبر (لدى الحناجر).
ـ القلوب.
ـ أصحاب القلوب على المعنى.
ـ ما أبدل منه القلوب ، أو ما أضيف إليه ، والمراد : قلوب الناس.
ـ ضمير الغائبين فى (أنذرهم) ، وهى فى هذا التقدير حال مقدرة.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٩ ـ ٤٣٨ / الدر المصون ٦ ـ ١٣٧.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٩ ـ ٢٤٦ / الدر المصون ٦ ـ ٣٥.