أنه استثناء منقطع ، إذ الماضى لا يجامع المستقبل ، فيكون المستثنى فى محلّ نصب.
أنه استثناء متصل : إما على حمل النكاح على الوطء ، وإما على معنى : ولا تنكحوا مثل نكاح آبائكم فى الجاهلية. وفى كل منهما يكون المستثنى فى محل نصب ، وبين المفسرين واللغويين آراء وتحليلات كثيرة فى هذا الموضع.
ولكننى أرى ـ والله أعلم ـ من سياق الآيات السابقة واللاحقة بهذه الآية الكريمة أن (ما) مصدرية فى الموضعين ، ويكون التقدير : ولا تنكحوا نكاحا كنكاح آبائكم من النساء فى الجاهلية إلا نكاحا قد سلف ، أى : هو قائم قبل نزول الآية الكريمة. وعليه فإنه استثناء تام منفى متصل غير مفرغ ، وما بعد (إلا) يكون بدلا ، أو مستثنى منصوبا.
ومثله قوله تعالى : (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) [النساء : ٢٣].
ـ قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) [الحجر : ٤٢]. يجوز أن يكون هذا الاستثناء على وجهين :
أولهما : أن يكون استثناء متصلا ، حيث إن المراد بالعباد عاصيهم وطائعهم ، وعليه فإن (من) المستثنى يجوز أن يكون فى محل جرّ على البدلية من ضمير الغائبين فى (عليهم) ، أو فى محل نصب على البدل اسم إن (عبادى) ، وهو عند الكوفيين فى الحالين عطف نسق ، حيث إنهم يجعلون (إلا) حرف عطف ؛ بمثابة (لا) النافية ، أو أن يكون منصوبا على الاستثناء.
ثانيهما : أن يكون استثناء منقطعا ، حيث إن الغاوين لم يندرجوا تحت (عباد) المنسوبة إلى الله تعالى ، فالمراد بهم العباد الخلّص ، وعليه فإن (من) يجب فيها النصب على الاستثناء عند الحجازيين ، ويجوز فيها النصب على الاستثناء والإعراب على الإتباع عند التميميين.
ـ قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) [البقرة : ١٥٠]. الاسم الموصول (الذين) مستثنى بإلّا ، والاستثناء فى هذا الموضع يمكن أن يفسر على وجهين :